تحدثنا في مقال سابق عن أهمية وفوائد الرضاعة الطبيعية، وعرفنا أن حليب الأم هو الأفضل والأمثل لنمو الطفل الجسدي وتطوره العقلي والروحي، فهو الغذاء الكامل والمتوازن للطفل الرضيع، يخرج إليه معقَّماً، دافئاً وجاهزاً في الوقت وبالكمية والنوعية المناسبة لحاجته وعمره. وبذلك فهو يتفوق بكثير على الحليب البقري الذي تصنّع منه معظم أنواع حليب الأطفال الصناعي.

كما علمنا أن للرضاعة الطبيعية بشكل عام ولحليب الأم بشكل خاص فوائد أخرى مهمة وعديدة للطفل والأم على حد سواء.

ومما يدعو للفخر ويحفز الهمة أن تحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على تعزيز توجه المشفى الصديق للطفل بدفع مشافي المملكة أن تشجع وتدعم الرضاعة الطبيعية فتكون بذلك «صديقة للطفل» ولأمه أيضاً.

“المشفى الصديق للطفل “Baby Friendly Hospital هو اللقب الرسمي الذي تمنحه منظمة الصحة العالمية واليونيسيف بالتعاون مع وزارة الصحة في المملكة وذلك للمنشآت الصحية التي تلتزم بتطبيق المعايير والإرشادات التي وضعتها المنظمة في دعم التغذية الصحية للرضع والمتمثلة بالرضاعة الطبيعية وتهيئة وسائل الدعم والمساعدة والتثقيف خلال فترة الحمل والولادة وما بعدها. ويمنح هذا اللقب بعد دراسة شاملة وزيارات ميدانية تقوم بها لجان متخصصة من قِبَل وزارة الصحة السعودية للتحقق من التزام المشفى بتلك المعايير.

ويكون المشفى(صديقاً للطفل) من خلال تقديم الدعم والمشورة للأمهات أثناء الحمل وبعد الولادة وتثقيف الأسرة والمجتمع حول الرضاعة الطبيعية باعتبارها الطريق الأمثل للتغذية الصحيحة،

وكذلك باتباع سياسات المشفى الصديق للطفل التي تضع الضوابط العلمية للتغذية بالحليب الصناعي وتنظم شروط التعاقد مع الشركات والدعاية المتعلقة بها.. هذه السياسات والمعايير التي تراعي في الوقت ذاته صحة الأم وسلامتها وكذلك حريتها في اختيار طريقة تغذية طفلها وليبقى الهدف الأسمى المحافظة على صحة وسلامة الطفل وأمه.

ولتوفير البيئة الملائمة وتهيئة الكادر المختص، لا بد من إقامة دورات تدريبة منتظمة خاصة بدعم الرضاعة الطبيعية والمشفى الصديق للطفل لجميع الأطباء والممرضات وكل العاملين في التثقيف الصحي وتوعية وتدريب جميع موظفي المنشأة الصحية وإداريّيها بإرشادات المشفى الصديق للطفل ليكون المشفى بحق صديقاً للطفل قلباً وقالَباً.

ومن الأهمية بمكان إقامة الندوات التثقيفية العامة بشكل دوري وتعزيز التواصل وتبادل الخبرة والمشورة بين الأمهات ومع الكادر المتخصص في الرضاعة والتغذية والصحة للأم ورضيعها.

نؤمن أن كل منشأة صحية تقدم الرعاية للأطفال يجب أن تكون صديقة للطفل ونسعى لنساهم في نشر هذه الرسالة وترسيخ تلك الثقافة.

نهتم بمرضانا ونسعى لما فيه الأفضل لهم.. جسداً وعقلاً وروحاً. ولأن الرضاعة الطبيعية هي الأمثل للأم وطفلها فإننا نقول لأمهات المستقبل: نساعدكِ ونرعاكِ.... لتمنحي طفلك أفضل بداية.

د. محمد زهدي الإمام

مدير برنامج المشفى الصديق للطفل وحملة تشجيع الرضاعة الطبيعية

استشاري أمراض التنفس عند الأطفال - المركز الطبي الدولي بجدة