ماتت العرافة البلغارية بابا فانغا منذ 20 عاماً، بعد أن شغلت أوروبا الشرقية وجزءاً من العالم الغربي طيلة نصف قرن بنبوءاتها المذهلة.

وقد عاد اسم بابا فانغا للتداول أخيراً، بسبب إحدى نبوءاتها القديمة، والتي يرى المهتمون بها أنها بدأت بالتحقق، والنبوءة المقصودة متعلقة بمالئ الدنيا وشاغل الناس، من هو؟ بالطبع هو تنظيم داعش.

والنبوءة التي تعود إلى عقود تقول إن حرب المسلمين الكبرى ستبدأ بصراع يشتعل في عام 2010 (وهو ما ربطه متابعو العرافة بالربيع العربي) ويتصاعد في سورية، وفيها سيقوى الإسلام ويستخدم أسلحة كبرى ضد الأوروبيين، ثم سيغزو المسلمون أوروبا، ويعلنون دولتهم التي ستقوم في عام 2043 وستكون عاصمة الخلافة فيها هي روما. وتتمة النبوءة المثيرة أن المسلمين سيبيدون الأوروبيين، وستصبح أوروبا قارة فارغة من السكان في العام التالي لإعلان الخلافة في روما!

وبالطبع فقد وجد استحضار هذه النبوءة وهذه العرافة اليوم اهتماماً واسعاً في الصحف الغربية، ولقيت هذه النبوءة صدى واسعاً في ظل تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا.

واستندت الصحف التي أعادت التعريف بالعرافة ونبوءاتها إلى عبارات مبهمة كانت قد قالتها، وهي تقارب أحداثاً وقعت فيما بعد، ففي عام 1989 قالت "رعب، رعب، الشقيقان الأميركيان سيسقطان بطيور من الفولاذ، ستعوي الذئاب في الحرش وسيسيل دم الأبرياء".

ومناصرو العرافة يجزمون أن هذا كلام واضح يتنبأ بأحداث 11 سبتمبر قبل 12 عاماً من وقوعها، الشقيقان هما برجا التجارة، والطيور الفولاذية هي الطائرات المخطوفة، والحرش (تعني بالإنكليزية Bush) هو الرئيس جورج بوش.

وفي نبوءة أخرى تعود للخمسينات قالت: "المناطق الباردة ستصبح دافئة وستستيقظ البراكين، موجة عملاقة ستغطي ساحلاً كبيراً مليئاً بالناس والقرى، وكل شيء سيختفي تحت الماء، كل شيء سيذوب، تماماً مثل الجليد". يصرخ المؤمنون: لقد تنبأت بالاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الأرض، ووصفت تسونامي كما وقع فعلاً، لقد قالت ذلك قبل أن يسمع أحد بالاحتباس الحراري.

تمتد نبوءات بابا فانغا حتى عام 3397 (لا أحد يعرف لماذا 397 وليس 400 أو 300)، حيث تقول إن كل شيء سينتهي وستتلاشى الحياة على الأرض، ولكن البشر سيكونون قد تطوروا واستطاعوا الانتقال إلى شمس جديدة، وحتى حدوث ذلك، تشمل تنبوءات العرافة المثيرة للجدل أن البشر سيصنعون في عام 2100 شمساً صناعية جديدة تضيء الجانب الآخر من العالم، ثم ستصطدم شمسان صناعيتان وتغرقان العالم في الظلام!

بالطبع لن يكون أحد منّا موجوداً ليرى تحقق هذه النبوءات، لكنَ لدينا اثنتان من نبوءاتها التي يعّول عليهما أنصارها كثيراً، الأولى (وقد تحقق نصفها) تقول إن أميركا ستختار رئيسها الرابع والأربعين من أصل إفريقي، وأنه سيكون آخر رئيس لأميركا، والثانية أن المسلمين سيقومون بغزو واسع لأوروبا في نهاية عام 2016 تمهيداً لإعلان خلافتهم في روما في عام 2043، وفي نبوءة أخرى تقول إن أميركا (التي زالت في نبوءة سابقة) ستخترع سلاحاً جديداً في عام 2066 وتستخدمه ضد الخلافة الإسلامية في روما لتعيد المسيحية إلى أوروبا!

النبوءتان القريبتان ساخنتان، وهما بمتناول اليد، وبعد بضعة أشهر فقط سنعرف إذا كان أوباما الإفريقي هو الرئيس الأخير لأميركا، وإذا كانت داعش ستغزو أوروبا، ومن يدري، فربما كانت النبوءتان مترابطتين، أي أن غزو داعش لأوروبا سينهي أميركا التي نعرفها!

قصة بابا فانغا ونبوءاتها عادت للصدارة خلال الفترة الماضية، وتناقلها الكثير من الصحف ووسائل الإعلام، بتأثير من الاهتمام العالمي بظاهرة الدولة الإسلامية، والرعب الذي بدأ يجتاح العالم من الإسلاميين ودولتهم المزعومة، وبسبب ما يراه العالم من جرائم تنظيم داعش، ومن بدء تشكل تيارات سياسية في أوروبا معادية للوجود العربي والإسلامي، وهي تيارات تبالغ في الخوف وتسم العرب والمسلمين جميعاً بمواصفات داعش، وما الاعتداءات التي يتعرض لها ذوي الأصول العربية والإسلامية في أكثر من دولة أوروبية سوى نتائج لهذه الظاهرة.

وهذه القصة وسواها تتصاعد وتتصدر دوائر الاهتمام، وهي تبدو مسلية للوهلة الأولى، لكن نتائجها ستكون وخيمة على المسلمين في أوروبا، وعلى المسلمين في كل مكان، فبعض الناس (إن لم نقل معظم الناس) يتعامل مع هذا النوع من الظواهر بطريقة جدية، ويعتبرها حقائق يتصرف ويبني مواقفه على أساسها، فمن يقنع شاباً أوروبياً متعصباً أن هذا اللاجئ المسكين الهارب من الحرب ليس سوى خلية نائمة لداعش تنتظر عام 2043 بفارغ الصبر؟!