الحقيقة مرآة الإجابة الشفّافة الوحيدة، وكل حقيقة أوجدتها عاصفة سؤال، عوالم الأسئلة مريبة وبعضها رحلة شائكة بين الألغام، منها المشاكسة وهي تلك المستلقية محاولة ثنيك عن العبور، ولكنك ترفع قدميك متجاوزاً تمتمتها لأنها لن تقودك لشيء يستحق، وهُناك أسئلة مقيمة لا تبرَح مكانها سابحة حائرة في لغز هذا الملكوت العظيم، حاثّة العقل على التأمل والبحث واستسقاء الإجابات وتلك أجملها، لأنها الطريق نحو أعماقنا الإنسانية، أكثرها إيلاماً ووجعاً هي تلك التي ندرك إجاباتها ونخشى الإفصاح عنها خوفاً من مآلات ذلك البوح، برأيي أن كل عقل لا يطرحُ الأسئلة عاطل عن العمل، جمالية الأسئلة تكمن في إلحاحها، ترتدي ألف وجه وتعبر روحك وتصبح نافذتك للأماكن، تتراءى لك في طرقات مدينتك الصغيرة، تشعر بها واضعة يدها على خصرها بانتظار مواعيد إجاباتك التي لن تأتي ربما، تحاصرك على حين غرّة وأنت في عُزلتك أعزلاً مجعّداً بالفوضى الجاثمة في محيطك الضيّق في كل الأماكن، في المسافة بين يدك وفنجان قهوتك، بين اللوحة الجدارية وألوانها في كل مكان، أعذب أسئلة هذا العالم وأكثرها مكراً غرائزياً مدهشاً، هي أصوات خيال الأطفال وتساؤلاتهم ووقفاتهم أمام أدق التفاصيل بكلمة "لماذا" الشهيرة بأوجه لهجاتها المختلفة "ليش، ليه" هذا كذا؟ المتضمنة ترجمة حقيقية لبداية رحلتنا مع الأسئلة التي نقضي العمر القصير باحثين عن إجاباتها وسط هذا العالم المتسائل، تحية إكبار لكلّ إجابة متوارية عن الأنظار، وشكراً لكل عقل يعمل على البحث والإيجاد.