من بين جملة استفزازات إيرانية على دول الخليج، أرسلت طهران في العام الماضي عبوات ناسفة متطورة خارقة للدروع، إلى عدد من تلك الدول، وقدمت إلى خلايا إيرانية في البحرين المهارات اللازمة لتصنيع مثل هذه الأسلحة الفتاكة بنفسها.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أحدث اعتراض بحري، جرى في 25 يوليو 2015، عندما أوقفت القوات البحرية البحرينية وخفر السواحل وأفراد الشرطة قارباً سريعاً كان قد تلقى أسلحة من على متن سفينة خارج المياه الإقليمية للجزيرة. وقد كان القارب يحمل 43 كيلوجراما من مادة "سي فور" المتفجرة وصواعق وثماني بنادق من طراز "كلاشينكوف" مع 32 عبوة من الذخيرة. وقد شهد أحد الرجلين البحرينيين في القارب على الحصول على أسلحة وتلقي تدريبات حول استخدام المتفجرات في معسكر لـ"الحرس الثوري" في إيران قبل عامين.

يُشكل توفير العبوات الناسفة الخارقة وأدوات إطلاقها ظاهرة خطيرة للغاية، فهي شكل من أشكال العبوات التي تزرع على الطرق وتتمتع بقدرات استثنائية خارقة للدروع، كما أنه من السهل إخفاؤها وتفجيرها. ففي العراق، أدَّت 1526 عبوة ناسفة خارقة إلى مقتل 196 جندياً أميركياً وجرح 861 آخرين خلال الفترة ما بين نوفمبر 2005 إلى ديسمبر 2011، كما تم استهداف القوات البريطانية بشكل مكثف وأدى ذلك إلى سقوط العديد من الضحايا في صفوفها.

وأشارت اكتشافات قوات الأمن في العام الماضي إلى أن الحرس الثوري الإيراني يساعد البحرينيين الشيعة المحليين أيضاً على إنتاج العبوات الناسفة الخارقة بكميات كبيرة. فقد تضمنت ورشة العمل في "دار كُليب" مكبساً صناعياً يستخدم قوالب تقطيع متخصصة، وربما مستوردة، لصناعة بطانات العبوات الناسفة. كما تم العثور على مجموعة من هذه العبوات في ذلك المشغل، يتراوح قطرها ما بين ستة وثمانية و12 بوصة، مما يدل على استخدام مجموعة متنوعة من القوالب.

ويُذكر أنه تم اعتراض عبوات ناسفة خارقة بُنيت في "دار كُليب" وهي في طريقها إلى السعودية في مايو الماضي. وفي عام 2008 أدت العبوات الناسفة الخارقة التي استخدمت بالإجمال إلى خلق محيط دفاع هائل في مدينة الصدر في بغداد، الأمر الذي تطلب جهداً واسع النطاق من قبل الولايات المتحدة لنزع الألغام. فإذا كانت مثل هذه المتفجرات متوافرة أثناء أحداث فبراير 2011 في المنامة، لربما كانت الحملة البحرينية، المدعومة من القوات المدرعة السعودية والإماراتية، مستحيلة.

وباختصار، إن إدخال العبوات الناسفة الخارقة إلى البحرين، ناهيك عن السعودية، يُشكل عاملاً عسكرياً يُغيِّر قواعد اللعبة بالنسبة إلى قوات الأمن الخليجية. وبالنظر إلى أن البلدات الشيعية المضطربة واقعة بين بعض أكبر حقول النفط والمصافي وخطوط الأنابيب وموانئ التصدير في العالم، فبإمكانها تغيير قواعد اللعبة بالنسبة إلى أمن الطاقة العالمي أيضاً. ولهذا السبب فإن تصرفات إيران، من خلال وكلائها العراقيين، تحمل في طياتها مثل هذه الإمكانات لزعزعة الاستقرار. وبالتزامن مع الاستفزازات الأخيرة التي قام بها السلاح البحري في "الحرس الثوري" الإيراني في الخليج العربي، زادت العبوات الناسفة الخارقة من نزعة المخاطرة الأكثر جرأة للحرس الثوري الإيراني.