استكمالا لمقال الأسبوع الماضي حول التعليم.. نواصل تناول هذا القطاع الذي يعنى كل المجتمع ومستقبل الوطن.

فمعظم الجوانب التطويرية التي مر بها قطاع التعليم العام في المراحل المتعاقبة لم تصل إلى العمق المطلوب، فالعملية التعليمية تتمثل في محاور رئيسة هي: المعلم والطالب والمناهج والبيئة المدرسية والأسرة، غير أن القائمين على التعليم اهتموا بالحديث عن محور المناهج وآليات التدريس فقط، فمرت المناهج بعدة محطات ومقاربات تطويرية شكلا وبعض المضمون، فركزت على كمية المعارف والمعلومات التي ألزمت الطالب والمعلم فوق طاقتهما، وغيبت فرص الإبداع والمرونة، فكانت عبئا على الطرفين، أما المحاور الأخرى فلم تحظ بكثير من الاهتمام، فالبيئة المدرسية من مبان وأنشطة ومرافق غير مشجعة على التعلم، فنسبة كبيرة من المباني مستأجرة وغير مهيأة كمبان تعليمية، بل حتى المباني المملوكة للوزارة تعاني من تكدس الطلاب وعدم جاهزية المرافق الرياضية ومرافق الأنشطة الطلابية اللاصفية، وبالتالي زاد الطلب على المدارس الأهلية التي انتشرت بشكل كبير، وكثير منها للأسف دون المستوى المأمول.

ثم نأتي إلى المعلم، وهو المحور الرئيس، فهناك نواح عدة تتعلق بهذا المحور، منها أن عملية اختيار المتقدمين للالتحاق بسلك التدريس يجب أن تخضع لاختبارات ومعايير دقيقة، باعتبارها أهم مهنة في المجتمع، التدريب والتطوير المستمران، تفريغ المعلم تماما لمهمة التدريس، وعدم تكليفه بمهام خارجة عن عمله الأساسي، معالجة نسبة الطلاب إلى المعلمين في الفصول الدراسية التي أصبحت تكتظ بأعداد تفوق قدرة المعلم على العطاء والتواصل الجيد، تحفيز وتكريم المعلم وإعطائه ما يستحق من قيمة اجتماعية بشتى الطرق.

إن غياب هذه العناصر أفرزت لنا كثيرا من المعلمين الذين يتعاملون مع المهنة باعتبارها وظيفة يؤدونها، ومصدر دخل، وليس رسالةً يؤمنون بها إلا من رحم ربي.

أما محور الأسرة، فقد غاب التواصل الفعال بين الأسرة والمدرسة والتشاور، كما لم تستثمر وسائل التواصل والتفاعل الحديثة لتعزيز تواصل إيجابي بين المدرسة والبيت إلا باجتهادات ما زالت تحتاج إلى مزيد من التطوير والتفعيل. لذلك، فإن قطاع التعليم أشد ما يكون الآن حاجة إلى إعادة هيكلة شاملة، تتناول جميع محاوره في إطار منظومة متكاملة.