أنا مؤمن كأي مواطن يعيش في هذه الدولة المباركة، بأن جميع دول العالم غير معصومة عن بعض التخبطات الإدارية في وزاراتها وهيئاتها الحكومية، أؤمن كذلك أن لكل شعب قضيته الأساسية التي يتفق جميع أطيافه بأعراقهم وأيديولوجياتهم عندها، ويسعون وراء تحقيقها، وبغض النظر عن أنني وإخوتي المواطنين "كثيري المطالبات"، ومتفقين في قضايا عدة نعتقدها أساسيات ضرورية: كالإسكان وغلاء المعيشة والفساد الإداري، إلا أننا عند النظر إلى حال دول مجاورة، والتي أصبحت قضيتهم الأولية -الأمان على أنفسهم وأهليهم- حينها نرفض تسليم عقولنا إلى شهوة الرفاهية، ونكتفي بالشكر لله على ما نحن فيه من نعمة، بفضله عز وجل أولا، ثم بفضل قيادتنا الرشيدة.
حضرات السادة المسؤولين:
أنا كغيري من المواطنين المسالمين، ولدت في مجتمع كان فيه احترام المسؤولين فرضا واجبا، وكغيري من المواطنين يقشعر بدني من الصراخ والمطالبات، وأصفق فرحا بقرار توليكم تلك المناصب، بعد أن أتقاسم التفاؤل فيكم مع بقية المواطنين بصورة عادلة.
حضرات السادة المسؤولين:
نحن في هذا المجتمع نثق ولا نصنم، نصفق فرحين ومتفائلين ولا نقرع الطبول نفاقا، ولا أعلم والله من أين جاؤوكم أولئك المطبلين بدفوف النفاق، حتى أقنعوكم بتجاهل أصواتنا الخافتة إلى حد إيماننا بأن غالبيتكم مجرد تماثيل شمعية، وفي هذا الوقت الذي ابتكر فيه -جاك دروسي- وسيلة سريعة لوصول صوتنا إليكم، دون حجب ولا استثناء، أصبحتم أكثر صمتا وغموضا وتجاهلا من ذي قبل!
حضرات السادة المسؤولين:
إن لهذا الوطن أعداءً يتربصون بنا بكل ما أوتوا من مكر وفتنة، فلا تجعلوا أصواتهم البغيضة تتعالى صمتكم؛ حتى وإن لم يكن في أصواتكم تحقيقا لمطلب ما، فنحن نكتفي بالتبرير ويقيدنا الخجل، حطموا دفوف المطبلين، واقطعوا ألسنة المنافقين، ولا ضرر في الخطأ إذا تبعه تبرير يشفي صدور المتسائلين، ولا تتجاهلوا نداءنا الذي تغلب عليه نبرة الحياء.
حضرات السادة المسؤولين:
أنا مواطن ملتزم بالقوانين، ومتمسك بتعاليم مجتمعي، إلا أنني أكره الشعور بالتجاهل، ولا يروقني "صدى صوتي"، فتحدثوا حتى لا يقتلني هذا الشعور.