كتب الدكتور يوسف زيدان عبر صفحته في "فيسبوك" ردا على ما كتبت قبل أسبوعين في هذه الزاوية.

رد الدكتور زيدان تأرجح بين النفي الغاضب والتعالي والمطالبة، نفى أولا عدم قراءته إيكو مطلقا، ثم قال إنه لم يستطع إكمال قراءة اسم الوردة.

لاحقا، قال إنه لم يلتق إيكو إلا مرة، وهو ينظر إلى مخطوطة ما، تماما كقصة لقائه ألبرتو مانغويل وآخرين. بالتفاصيل ذاتها، والجمل الوصفية ذاتها، رأيته يقف أمام مخطوطة، سألته عن اسمه، ابتسم، لم نلتق لاحقا، طبعا كل هذا يمكن تمريره، لكن ما لا يمكن تمريره أبدا قوله، إنه لم يقرأ إيكو مطلقا، وهذه تهمة عليه لا له، فكيف يحدث هذا ؟ إنها واسعة جدا يا دكتور! أوسع من تناولاتك المعرفية وأعرض.

وفي سياق غضبه من محاولتي الربط بين روايتي "عزازيل" و"اسم الوردة" رد الدكتور زيدان بأن "عزازيل" ترجمت إلى الإيطالية، ولو كان هناك رابط بينها وبين رواية إيكو لأشار إليه النقاد الطليان قبلا.

طبعا، أنا لست مسؤولا عن الحركة النقدية الإيطالية، ولا بتوجيه نقادها لما يشيرون إليه، أنا معنيّ بما أكتب وأهتم، كما لم يخل رد الدكتور زيدان من نبرة تعالٍ، أفهمها كسياق فكري ونفسي لرجل مثله أنجز ما أنجز، ويرى أن محاولة نقده هي انتقاص ومحاولة لتدمير الرموز، حسبما وصف، ثم يطلب مني "عدم الوقوع فريسة للشعور العام بالتضاؤل"، وهذه تهمة لا تستحق حتى الالتفات إليها، إذ ليس هناك ما يجعل الإنسان يتضاءل، أو يتدنى في صنعة ومهنة ومناخ قائم على النقاش والجدل والمماحكة التاريخية والفكرية، وهذا ذاته جوهر مشروع الدكتور زيدان الفكري والإبداعي، القائم على إعادة نقاش وتفسير كل شيء، وفي النهاية يبرر الدكتور زيدان اضطراره إلى كتابة الرد، بأنه بسبب ازدياد ظاهرة "الحط من قدر كل شيء ومن كل شخص"، داعيا إلى "ثورة ثقافية شاملة". وعموما لا أحد يريد الحط من قدر أحد، لكن في الوقت عينه، لا يحق لأحد أن "يتصنم" أو يدعو إلى "تصنيم" ثقافي أو فكري لأيّ كان، وهذا أول شرط في أي ثورة ثقافية شاملة يفترضها ويدعو إليها الدكتور يوسف زيدان، مع كل محبتي وتقديري واعترافي بفضله.