مع فرار الآلاف من اللاجئين السوريين من الهجوم الذي يشنه نظام الأسد بدعم من روسيا وإيران لتطويق مدينة حلب، أكبر مدينة في سورية، ومع إشارة المسؤولين في الاستخبارات الأميركية إلى اختراق تنظيم داعش موجات اللاجئين الضخمة المتجهة إلى الغرب هذا العام، حان الوقت لقيام واشنطن بمساعدة الدول المجاورة لسورية على معالجة الاحتياجات الإنسانية للسوريين الذين فروا إلى هذه البلدان.

وتتجلى الخطوة الأولى الأفضل لمواجهة تهديد المهاجرين من تنظيم داعش في قيام الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بحماية المدنيين السوريين في المناطق العازلة الموجودة بالفعل على طول الحدود السورية ورعايتهم.

لقد تسببت المخاوف بشأن اختراق تنظيم داعش صفوف اللاجئين في قيام الأردن أساسا بإغلاق حدودها العام الماضي، واختارت رعاية اللاجئين السوريين في المناطق العازلة التي بُنيت في الأرض المحايدة بين الحدود السورية والأردنية.

وفي حين أن هذه المناطق لا تزال تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية لمخيمات اللاجئين الملائمة، يمكن لهذه المناطق، إذا تم تحسينها بشكل كبير وضمان أمنها، أن تشكل قاعدة للجهود الرامية إلى حماية السوريين ورعايتهم في بيئة محصورة. وستحتاج مثل هذه المناطق إلى ضمان أمنها من قبل القوات العسكرية للدول المجاورة لسورية، مثل تركيا والأردن، ولكنها ستتطلب أيضا دعم القوات الجوية والقوات الخاصة الأميركية، وهي المساندة التي رفضت واشنطن حتى الآن تقديمها. إن ذلك يمكن أن يضفي طابعا رسميا فعليا على المناطق العازلة التي بقيت قائمة على طول الحدود السورية لسنوات.

وقد شكّل قرب هذه المناطق من الدول المجاورة لسورية رادعا طبيعيا للضربات الجوية لنظام الأسد لسنوات. ولكن في ظل ازدياد حدة التوتر بين روسيا وتركيا إثر عملية إسقاط الطائرة الروسية في أواخر العام الماضي، فإن زيادة هذا الردع تحتاج إلى دعم من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ولا يقتصر فقط على الدعم الجوي، بل على أرض المعركة أيضا.

وعند حمايتها بشكل صحيح، يمكن توسيع هذه المناطق العازلة إلى "مناطق آمنة" محمية من الجماعات الإرهابية التي تعمل ضمن إطار المعارضة، والنظام والمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سورية من خلال جهود منسقة من دول الجوار. وفي وقت لاحق، يمكن لهذه المناطق أن تكون بمثابة قاعدة لممرات إنسانية إلى المناطق المحاصرة من حلب وأماكن أخرى، وذلك بدعم من الإنزالات الجوية.