في اللغة العربية تسمى "المرأة"، وفي الإنجليزية" woman"، وفي الفرنسيةLa" famme"، أما في اللغات الهندية والأوردية والملاوية والإندونيسية، وكثير من الدول الإسلامية غير العربية، فتسمى "عورت"، وهي مشتقة من العورة المرتبطة بأجزاء الجسم التي تحرص مختلف الثقافات غالبا على سترها!
وكما تلاحظون مفردة "المرأة" أفضل بكثير من "عورت" ولكن السؤال: هل يمكن تغيير مفردة "عورت"؟ هل يمكن تطوير اللغات وإدخال بعض التعديلات عليها، لتكون أكثر مواءمة مع العصر؟ هل يمكن تغيير بعض حروفها؟ أو زيادتها؟ هل يمكن تحويل بعض الحروف العربية إلى لاتينية مثلا أو العكس؟
أسأل هذه الأسئلة والمجتمع الدولي قد احتفل يوم الأحد الماضي الموافق 21 فبراير باليوم العالمي للغة الأم، وهو اليوم الذي اختارته الأمم المتحدة تشجيعا للتنوع اللغوي والثقافي، سعيا منها إلى حفظ هذا التنوع ورعاية التقاليد والتراث اللغوي بشكل يعزز التضامن بين البشر، ويؤسس للتفاهم المتبادل والحوار والتسامح، وقد أعلن عنه للمرة الأولى من منظمة اليونيسكو في الـ17 من نوفمبر 1999.
اقتراح هذا اليوم جاء من دولة بنجلاديش، لأنها ذاقت الويلات، بفعل التعددية اللغوية. فبعد فرض محمد علي جناحا باسم الحكومة المركزية الباكستانية في اجتماع جماهيري في 21 مارس 1948، بعد فرضه اللغة الأوردية، قامت الطبقات الوسطى في جمهورية بنجلاديش خلال عامي 1950-1952 بانتفاضة عُرفت لاحقا بـ"الحركة اللغوية البنجالية". علما بأن اللغة الأوردية كانت لغة الأقلية ولغة النخبة آنذاك، إلا أنها فرضت لغة وطنية وحيدة يتم التداول بها على الأراضي الباكستانية، واحتجاجا على قرار فرض هذه اللغة، قام الطلبة بالتظاهر في إضراب وطني عام في بنجال الشرقية، وقامت الشرطة الباكستانية بفتح النار عليهم. راح ضحية هذا العنف 5 من الطلبة البنجاليين بالقرب من كلية الطب في مدينة داكا، العاصمة الحالية لجمهورية بنجلاديش.
نتيجة لذلك العنف من جانب الشرطة، اتسعت رقعة الاحتجاجات العارمة لتعم سائر الأقاليم البنغالية، مما اضطر الحكومة المركزية إلى الاعتراف باللغة "البنجالية" كلغة تتداول على قدم المساواة مع اللغة "الأوردية" في باكستان.
وقد قامت الحكومة البنجالية بتشييد نصب لشهداء الحركة أمام كلية الطب في داكا، يعرف بنصب شهيد منار.
نعم، نحن نفتخر بلغتنا العربية، لأنها اللغة الأم، وهي لغة القرآن الكريم، ولغة الضاد، وهي زاخرة بالألفاظ والمعاني العميقة، بل وأفردت لها الأمم المتحدة يوم الـ18 من ديسمبر ذكرى سنوية خاصة باسم اليوم العالمي للغة العربية، ولكن عودة إلى سؤالي: هل يمكن أن نطور اللغة باستبدال بعض حروفها، خاصة أن أكثر من 90 % من الناطقين بالعربية لديهم معضلة في الكتابة والتشكيل والنطق السليم؟
ولو رجعنا قليلا إلى ثلاثينات القرن الماضي، سنجد أن القائد التركي "أتاتورك" مثلا قام بإلغاء الأحرف العربية من الكتابة التركية، وأحل اللاتينية بدلا منها، وفي تلك الأيام ثارت ثائرة بعض المتشددين، وتخوفوا من أن هذا سيؤدي مع الوقت إلى أن ينسى الأتراك هويتهم الدينية، ولكن الحق تبين وبعد أكثر من 80 عاما، أن شيئا من ذلك لم يحدث، بل على العكس ما زالوا متمسكين بعقيدتهم، بل وفيها أكبر الأحزاب الدينية الإسلامية.
أخيرا، أترك الإجابة للعقلاء من أهل اللغة؟