انخفضت إيرادات المملكة 500 مليار ريال مقارنة بأي سنة من السنوات الخمس الماضية، ونحن نبحث عن حلول لتعويض ذلك الدخل، وأيضا نطمح إلى أن نحقق ذلك بعيدا عن النفط، ويجب ربط استراتيجية "تنويع مصادر الدخل" باستراتيجية "توليد الوظائف".
لنفترض أننا نبحث عن صافي أرباح بـ500 مليار ريال، هذا يتطلب أن نبيع سلعا بـ5 تريليونات ريال لأن أفضل الأرباح تكون 10 % من المبيعات، وهذا يطرح سؤالين، الأول كم نحتاج من استثمارات لنحصل على مبيعات سنوية بمقدار 5 تريليونات ريال؟ وثانيا من الذي يملك ذلك المال ليشتريها منا؟ لنتذكر أن صادرات اليابان أقل من نصف هذا المبلغ والتي وصلت إلى 2.3 مليار ريال العام الماضي، فكيف بالمملكة أن تبيع محليا وخارجيا سلعا غير نفطية بمقدار ضعف ما تصدره اليابان؟
يجب ألا نقارن الإيرادات النفطية بغير النفطية، فأرباحها مختلفة، فتكلفة إنتاج المملكة للنفط لا تتخطى 10 دولارات للبرميل وتبيعه بـ30 دولارا و50 دولارا و100 دولار، فالربح دائما واضح ووفير. أما السلع غير نفطية فالأرباح لا تتخطى 10 % من قيمة المبيعات حسب المؤشرات في الأسواق العالمية.
هذه المبيعات المأمولة بـ5 تريليونات ريال تعادل تقريبا 10 أضعاف ما نستورده سنويا، نعم 10 أضعاف ما نستورده من سيارات وطائرات وقطارات ومعدات وأجهزة وملابس وأثاث وغذاء وعلاج ودواء.
إن كنا نتحدث عن مبيعات محلية بـ10 أضعاف مما نستورده، فمن المشتري الذي لديه هذه القوة الشرائية؟ وإن كانت مبيعات وتصديرا للخارج، فهل نستطيع منافسة الدول المتقدمة ونختطف حصصهم ونصدر ما قيمته تعادل صادرات اليابان وكوريا الجنوبية معا؟
فيما لو حصل ذلك ووصلت المبيعات هذه إلى 5 تريليونات ريال وصافي أرباحها 500 مليار ريال، أليست هذه للقطاع الخاص؟ كم سيكون دخل الدولة منها، سواء كانت رسوما أو ضرائب بأنواعها؟ هل نتحدث عن 20 % في أقصى الأحوال مثلا؟
البلد بحاجة إلى عمل لكي ترتقي، وتنويع المصادر وتعويض دخل النفط يواجه تحديات كبيرة في الوضع الحالي، ونطمح إلى أن تكون بلادنا في مكانة مرموقة وتنافس الدول المتقدمة.
على الدولة أن تغير من سياستها النفطية، وأن تسعى لرفع أسعار النفط بغير الطرق التقليدية، فنحن بحاجة ماسة إلى استعادة الدخل من النفط حاليا، ومن ثم تبدأ بالتخطيط والبناء السليم والتنفيذ التدريجي، ولكن سريعا لنتدارك الوقت، فالنفط وأسعاره لن يكونا مصدرا لتوليد الوظائف ولم يعد له أمان مستقبلي.