الجريمة حينما تكون بدافع السرقة أو الخطف لا تثير الدهشة كثيرا، هي موجودة على مدار الساعة، في كثير من شوارع العالم.

المهم أن تسأل نفسك: ما الذي يدفع شابا في مقتبل العمر إلى حمل السلاح وإطلاق الرصاص على زميله في العمل؟

ما المشكلة التي لا حل لها سوى هذه الطريقة البشعة التي قادتهما كليهما إلى الموت؟

الفرق يتمثل في الكيفية والزمن. وما الذي يدفع شخصا إلى حل مشكلاته العائلية باستخدام طلقات رشاش ضد زوجته وأمها وشقيقها؟ أي مشكلة تلك التي تدفعه إلى هذا الجرم الشنيع؟ ثم ما الذي يدفع شابا آخر كي يضع حدا لمشكلاته، وإحباطاته، وإخفاقاته بواسطة حبل غليظ يلفه حول رقبته؟

معظم المشكلات ذات النهايات الدرامية السوداء التي حدثت خلال السنوات الأخيرة، كانت النواة فيها مشكلات بسيطة.

بمعنى: لم أجد أحدا يصف الجاني بأنه تعرض لمآس ومعاناة قادته إلى ذلك، مشكلات أو خلافات كان بالإمكان حلها لو امتلك الشاب المقدرة.

تجارب الآخرين فيها فائدة عظيمة. تقول المدربة الأسترالية تيري هوكنز: "أتذكر الاعتداء الجسدي في سن الرابعة من عمري، ثم مرة أخرى اعتداء جسدي آخر في سن التاسعة من أستاذ الموسيقى الخاص بي، والفقر، وتعرضي لمتلازمة الأصابع الحمامية الخطيرة، والتشوه في سن الـ17 بسبب فيروس بالجلد، وتعرضي للضرب الوحشي، ووفاة والدي، وتحملي مسؤولية إخوتي، وتعرضي للاكتئاب في سن الـ16، واضطرابات الأكل، ومشكلات إدماني الكحول في أواخر سن مراهقتي، وتعرضي للتحرش في بدايات عملي. حاربت ضد الألم في قلبي، والارتباك في رأسي لسنوات عدة. تمكنت من معرفة نفسي عن طريق هذه الأحداث".

وعلى الرغم من أنها امرأة ضعيفة إلا أن "تيري هوكينز" لم تقتل نفسها بابتلاع علبة مبيد حشري. واجهت الحياة بصلابة حتى أصبحت من أشهر المدربين في العالم.

ما زلت أسأل: لماذا يفشل هؤلاء في مواجهة مشكلاتهم البسيطة، ويسيئون تفسيرها، وبالتالي حلها أو التعايش معها؟ ما الذي يدفع إنسانا راشدا عاقلا للقيام بهذه الأعمال البشعة؟ ثم -وهذا مهم- لماذا يسكت المجتمع وكأن شيئا لم يحدث؟!

يجب أن نتحاور حول ذلك بموضوعية: أسطوانة المرض النفسي، والسحر، وإدمان المخدرات، لن تحل المشكلة، بل تزيد تعقيداتها.