حذر اختصاصيون من الاستخدام غير المقنن لبرامج التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤدي إلى عواقب وخيمة، منها اختراق خصوصيات الآخرين، وعددوا الدوافع التي تدفع الشباب للإقبال على هذه المواقع، أولها الشهرة المجانية، حيث يكون لكل منهم متابعون.
غياب الهدف
قال المدير التنفيذي لمركز "رؤية" للدراسات الاجتماعية بندر بن سحيم المالكي أن "الاستخدام غير المقنن لبرامج التواصل الاجتماعي، وغياب الهدف الواضح من استخدامها والقيمة الاجتماعية التي حصل عليها كثير مما يسمون بنجوم "Social me" والذين كانوا مغيبين عن المشهد الاجتماعي، وأصبحوا الآن ملء السمع والبصر بدون مبررات، جعل الكثير من أفراد المجتمع يحاولون أن ينضموا إلى عالم الشهرة المجاني، في ظل ضعف الوعي لدى بعضهم، أو التقليد لدى البعض الآخر".
وأضاف "كمية كاميرات التصوير سواء الفنية منها أو المتضمنة في أجهزة الاتصال الذكية تشير إلى مدى انتهاك خصوصية الآخرين، خصوصا أن أحدهم عندما يقوم بتصوير نفسه في مكان عام يصبح الجميع من حوله حقا متاحا له يلتقط من صورهم ما يشاء دون حسيب أو رقيب وكأننا نعيش في مهرجانات عامة"، مشيرا إلى أن ذلك ناتج عن غياب الضبط الاجتماعي.
وأبان المالكي أن "التطبيقات في الهواتف المحمولة تتنوع وتختلف من حيث الشكل والغرض، لكنها تشترك في أمر واحد، لم يعد أحد ينكره، وهو ضعف الخصوصية، بل أحيانا اختراقها أو انعدامها، فلم تعد خصوصيات الآخرين خطوطا حمراء كما كانت سابقا يحظر تجاوزها".
وانتقد غياب العقوبات الصارمة، أو عدم تطبيقها بشكل جدي، أو عدم إعلان العقوبات المطبقة بحق من يشهرون بخصوصيات الآخرين.
مسؤولية الإنسان
يرى أستاذ السنة النبوية بجامعة القصيم الدكتور إبراهيم الدويش "أن العتب ليس على الأجهزة والتطبيقات في انتهاك خصوصية الآخرين، إنما على الإنسان المكلف شرعا بأن لا يُحدث وينقل كل ما يسمع ويشاهد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "كفى بالمرء كذبا بأن يُحدث بكل ما سمع"، ويقول عليه الصلاة والسلام: "من حدّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذب?ين".
وأضاف أن "غياب الوازع الديني، وضعف تربية النفس، وغياب الإنكار المجتمعي والقوانين والجزاءات، أسباب رئيسة لانتهاك الخصوصية"، وتساءل قائلا "لماذا نتهم الأجهزة والتطبيقات؟، يجب أن نتهم أنفسنا، واللامبالاة واللامسؤولية عند من ينشر كل شيء".
هوس النشر
لفتت عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود، وفاء العجمي إلى أن "شبكات التواصل الاجتماعي فتحت مجال النشر على مصراعيه، فقبلها لم يكن هنالك ثقافة حوار وتعبير عن الرأي موجودة في العائلة أو الشارع أو الإعلام مقارنة بالحال الآن، حيث أصبح الجميع يعرض حياته الشخصية على الملأ، وعندما يكون الشخص متواجدا على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي يصبح "علامة" أو اسما مسجلا فيه، ويعلم أن لديه جمهورا متابع يترقب كل ما ينشر من صور وكتابات، فيصبح لديه هوس بالنشر، وإيصال المعلومة قبل الجميع، بالإضافة إلى الاستعراض أو الترويج لنفسه للحصول على الشهرة بطريقة أو بأخرى".
خلل في التعامل
طالب الخبير الاجتماعي سعود الخليل بتوعية للنشء من خلال الأسرة والمدرسة، وبقية مؤسسات المجتمع بضرورة احترام خصوصيات الآخرين، وبأن الشهرة لا تبنى على نشر الفضائح أو اقتحام خصوصيات الغير، بل بالوعي والإدراك التام لحقوقنا وحقوق غيرنا، وأن نكون أعضاء إيجابيين في المجتمع، مشيرا إلى أن ما يشاهد بين الحين والآخر من فضائح ومواقف تؤثر في الرأي العام ما هو إلا دليل على وجود خلل في التعامل الصحيح مع هذه البرامج.