بعد أن عاش في منطقة عسير خلال ثمانينات القرن الماضي، يصف الشاعر السوري كمال قجة تلك السنوات بـ"الأجمل في حياته"، حيث يستعيد بعض ملامح علاقته بالشعر والشعراء في منطقة عسير، متحدثا لـ"الوطن" من مقر إقامته في تركيا لاجئا من جور النظام السوري، يقول: في منطقة عسير يجيدون الشعر المعبر بإيقاعات متناغمة توائم لديهم حركة الحياة وتستمد إيقاعاتها من الشعر العربي التي كشفها الخليل بن أحمد الفراهيدي، وهذا عنصر إيقاعي أصيل إضافة إلى القافية والروي، وهذا جانب ميسور لدى أهل المنطقة لما يمتلكونه من مفردات لغوية كثيرة ومترادفات وتراث لغوي هائل.

وأضاف: موضوعات الشعر وأغراضه لدى شعراء منطقة عسير تعبر عن مناسبات اجتماعية يجسدونها من خلال التعبير عن مشاعرهم بشكل عفوي وفطري دون تصنع، لأن الشعر لديهم فطرة وموهبة وأصالة، وهو متوارث عن العقلية العربية والصفاء الذهني النقي، فكلما اجتمع قوم أو أناس في مناسبة تداعت القرائح ونطق الشعراء يعبرون ضمن أشكال شعرية عبر أوزان وقواف وصور مستمدة من البيئة، دليلا على صدق عفويتهم وشعورهم الفياض في رسم اللوحات الشعرية.




علاقة إبداعية

وعن علاقته بالوسط الأدبي في المملكة، يقول قجة: عملت في محافظة سراة عبيدة لسنوات في مجال التعليم، وبدأ إنتاجي الشعري مع أول أيام إقامتي في عروس الجنوب "أبها البهيّة"، فكانت أول قصيدة لأبها عام 1982 منها:

غنّيت أبها مذ حللت ركابي

ورشفت من سحر الهوى أنخابي

ومشيت يلثمني هواها هائماً

كتقابل الأحباب بالأحباب

آنستها بتوددي وقصائدي

فمضت ترحّب أيّما ترحاب

أما الشعر التعليمي فقد كان يترافق مع المناسبات المختلفة والمهرجانات والمناسبات الاحتفالية المختلفة حيث كنت أقدّم اللوحات الشعرية والأناشيد الوطنية والمدرسية والاجتماعية.

وكان أول دواويني (نفحات المجد) ثم الديوان الثاني (حين يورق الفرح). الذي طبع بدعم ورعاية وزارة المعارف ممثلة بمدير التعليم وقتها (يحيى بن محمّد آل فايع )، ومتابعته في إخراج الديوان الذي صدر بمناسبة (الرّياض عاصمة الثقافة العربيّة لسنة 2000)، وذكرى مرور مئة عام على تأسيس المملكة. أما الديوان الذي أبوح فيه بأشجاني وأستوحي معاناة أهلي وشعبي في سورية فهو ديوان (الرؤيا).




الغربة في تركيا

نفى الشاعر قجة أنه شعر ذات يوم بالغربة حينما نزح إلى تركيا بسب الحرب في بلاده، وقال: لم أشعر بالغربة فالمساجد عامرة لا يفصل بين الواحد والآخر إلا أمتار قليلة. لكنه يستدرك: صور المآسي تشتعل في الذاكرة وكثيرا ما أستيقظ على صوت صراخٍ وألم، ولذلك استمد منها تشكيلات وإيقاعات شعرية مختلفة تشكل عالمي الداخلي.