حينما حضرت أول انتخابات لهيئة الصحفيين قبل 10 سنوات، كنت أشعر بالإحباط، لأنني حسب أنظمة الهيئة -ومعي مجموعة من الكتاب والصحفيين- غير مستحق للتصويت، إذ لم أكن متفرغا، والهيئة للجميع لكن المتفرغين وحدهم من يمتلك حق التصويت والاختيار!

شاركنا في "العرس" الانتخابي، واحتفلنا بولادة مؤسسة مدنية -أو هكذا تصورناها- وسيكون من مهامها حمايتنا، والدفاع عنا، وعن قضايانا، والقضايا التي ترفع ضدنا، والإيقافات التي تطالنا.

مرت السنوات. كنا نرفض في البداية الحديث عن خراج الهيئة. فهي في طور التأسيس. ليس من المقبول والمعقول مطالبة الهيئة بممارسة أدوارها وهي التي لا تمتلك مقرا لها، وليس لديها دخل يؤمّن لها موظفين، بل وليس لديها دخل يكفي حتى أجرة محام!

قلنا نصبر، و"الصبر عند العرب طاعة". مرت السنوات متتالية ثقيلة. استطاعت الهيئة امتلاك أرض في موقع مميز. تمكنت من بناء المقر وتأثيثه.

مطلع 2010 دشنت الهيئة مبناها بفعالية كنت قد تشرفت بإدارتها. انتهت الدورة الأولى. ازدادت الطموحات. انتظرنا مجلسا جديدا. لا شيء في الأفق.

عادت الوجوه نفسها إلى الهيئة، وأيضا: "الصبر عند العرب طاعة".

انتهت الدورة الثانية. انتهت الدورة الثالثة. أيضا لا جديد. مجرد مبنى بزاوية هندسية، وواجهة جميلة، على نهاية طريق الملك فهد. أربعة وزراء إعلام مروا على الوزارة، وما تزال الهيئة كما هي!

واليوم، على الرغم من كل هذا الحراك والصخب، تمارس الهيئة دور "الميت"، تماما كالمشهد الكوميدي للراحل علاء ولي الدين وهو يخاطب أحمد حلمي: "اعمل نفسك ميت.. اعمل نفسك ميت"!

المأزق الذي أواجهه مع الهيئة -هو مأزق أغلب الزملاء في الوسط الإعلامي في المملكة- أن العاملين في الهيئة يحظون بالتقدير والاحترام وهو ما يقف حاجزا دون انتقاداتها أحيانا.

مجددا، كل ما أرجوه من الأصدقاء والزملاء في مجلس إدارة الهيئة -الذين نحبهم ونحترمهم- أن يعلنوا عن انتخابات مجلس جديد للهيئة، ويسلموا المهمة لغيرهم. هذه السنوات الطويلة التي قضوها في مجلس الهيئة كافية جدا، والمناخ العام في البلد لا يحتمل الصبر أكثر!

قبل أن أنسى، أعلم أن هناك من سيقول: لماذا لا تتحدث عن جمعية الكتاب "رأي". لكن المقاييس مختلفة، وهذه حكاية أخرى!