بإعلانه عن استحداث وزارتين بقيم إنسانية رائعة، إحداهما للتسامح والأخرى للسعادة؛ شغل الشيخ محمد بن راشد، الناسَ، وانقسمت آراؤهم بين مرحب بالخطوة وبين ساخر منها، معللا أن هناك ما هو أهم من هاتين القيمتين ليحظى بحقيبة وزارية ترعاه.

وبما أن معظم المنتقدين لهذا الإعلان ليسوا من مواطني دولة الإمارات، فلن يكون لوجهات نظرهم أي اعتبار، بل هم ينطلقون من برمجة لا تعترف بوجوب تعزيز هذه القيم الإنسانية، ولا تدرك دورها في بث روح الألفة والتآخي بين الأفراد والجمعات، وتقريبها لوجهات النظر، وكبح جماح المتحفزين تجاه من يختلف معهم وعنهم.

هناك من أخذ الأمر من باب الاستخفاف، وتساءل: كيف يكون للتسامح والسعادة وزارتان؟ وكيف للقيم أن تأخذ صفة الرسمية وترعاها حكومة؟

وإن كان هذا ما فهمه البعض، إلا أن العمل لن يكون بحرفية الاسم بل بمعناه أو مفهومه، وهناك أشياء تعمل وقرارات تتخذ تجلب السعادة والبهجة للأشخاص، وأيضا هناك قوانين تُسن، وأساليب للتعامل تُشاع بين المواطنين للتقريب فيما بينهم، والدول أو الحكومات التي سعت أن تكون في مصاف الدول الأكثر تحضرا واهتماما بالفرد، لا تعمل أو تقرر ارتجالا، هي تعي جيدا ما تعنيه المسميات المطروحة لوزاراتها وآلية العمل التي تمكنها من تحقيق إنجاز على أرض الواقع يلمسه المواطن ويحسه.

الغريب، أن معظم من انتقد مسمى الحقيبتين الوزاريتين وتندر عليهما في قنوات التواصل الاجتماعي، هم بعض الذين هم في حاجة إلى نشر التسامح بينهم، والذين يعانون ضبابية في مسألة العثور على مصادر السعادة، خصوصا وقد حصرها البعض في أعمال أو وسائل كانت نتائج الأخذ بها كارثية، لتكون المحصلة ارتفاع نسبة المحبطين والمتطرفين دينيا واجتماعيا، غير ذلك خلط المفاهيم لدى فئة أصبحت تحلل وتحرم أبسط الأمور والممارسات الحياتية للناس، وهذا التعقيد والتخويف وتأويل الأمور لما هو جائز من عدمه؛ أدخل البعض في دائرة الشك والخوف الدائم من تجاوز المحظور، فيكون عرضة للعقاب الدنيوي قبل غيره، مما يجعله يركن إلى الانطوائية والانعزال والبحث عن بدائل ينشغل بها، وهنا يغيب الرقيب ويحضر المنقذ الذي يجرفه إلى أحد طريقين: إما الإدمان أو الإرهاب، وكلاهما عدوان للسعادة والتسامح، وهذه الحقيقة هي ما يجب أن يعيها الناقدون الدائمون للغير.