صاحب المعالي، وزير الصحة الموقر، تحية ثم أما بعد: حاولت لما يقرب الأسبوع أن أجد مخرجا أو "تحويلة" لتبرير الضحكة المجلجلة في المقطع الشهير وأنتم يا صاحب المعالي، تتحدثون مع مريض حذفت به "البوصلة" إلى الركن المعتم. حاولت يا صاحب المعالي، أن أبحث عن مخرج أو تحويلة تقول إن "المقطع" مجتزأ أو اقتباس من حديث طويل بين المريض ومعالي الوزير. حاولت فعل أي شيء بما فيه التبرير أنني لم أفهم ماذا قال لك المواطن "الجنوبي" المريض، وهل كانت لغته الغامضة وتعابير وجهه التي لم نشاهدها سببا لهذه الضحكة المجلجلة يا معالي الوزير؟ والخلاصة، يا صاحب المعالي التي وصلت إليها أن أهلك وأهلي هنا، وفي الجزء الأسفل من البوصلة، أصبحوا اليوم في بالغ الحساسية المفرطة مع كل ثانية من الوقت في عبور السؤال النمطي التقليدي: إنت من أهل الجنوب؟ صحيح جدا أن فنان العرب، محمد عبده، قد خفف وطأة السؤال تلطفا في ذات الأغنية الشهيرة التي وردت في الجملة الأولى لسؤال معاليك إلى المريض في المقطع الشهير ولكنها، أيضا، فتحت جرح الأسئلة.
اليوم، دعنا يا صاحب المعالي نستثمر ولو على الأقل إحدى الجملتين التي وردت في حديثكم القصير مع هذا المريض، ولنترك موضوع "الضحكة" جانبا فأنا لست من قراء النوايا ولا من ضاربي "الرمل". أنتم يا صاحب المعالي تقولون للمريض "...... ودك أن المستشفى هذا في أبها.....". والجواب أن الحلم بوجوده شبه موجود، ولكنه شبه جثة نائمة. صاحب المعالي: أود لفت انتباه مقامكم إلى عثرات المدينة الطبية للمنطقة الجنوبية لأنها الضحكة المجلجلة الأهم يا معالي الوزير. هذه المدينة تحبو اليوم في نهاية عامها الخامس قيد الإنشاء، وحسبك من اسم "مدينة" تحولت إلى مجرد عمارة واحدة. ومن المدهش بمكان أنها أول عمارة في تاريخ ترسية المشاريع الوطنية التي تم توزيعها على مرحلتين: مرحلة العظم الذي لم يكتمل ومن ثم مرحلة "التشطيب"، وحتى هذه اللحظة لم يكتب لهذه المرحلة ولو حرف من ورقة واحدة. وهذا يعني، يا صاحب المعالي، أن عظم العمارة سيبقى عاريا في الهواء الطلق لعامين من اليوم على الأقل قبل أن نكتب أوراق المرحلة الثانية التي ستستغرق على الأقل خمس سنين من تلك اللحظة. معالي الوزير: دعنا نستثمر تلك الضحكة المجلجلة بإحالتها إلى ورقة عمل تنقذ هذا المشروع الميت لأن هذا الجنوب قد مل من شحن مرضاه على الطائرات إلى المدن المركزية. دعني أختم معكم يا صاحب المعالي بهذه الطرفة: منذ أن صدح محمد عبده بأغنيته الشهيرة "أنت من أهل الجنوب" قبل 35 سنة حتى حديثكم للمريض بذات الجملة قبل أسبوع لم يشاهد أهلكم هنا سريرا نوعيا حقيقيا على أرض الواقع. انتهت المساحة وسأضع القلم. حتى الأغنية الأمنية تحولت إلى ضحكة.