تشير التباشير والمؤشرات على الأرض في الساحة اليمنية إلى اقتراب ساعة الحسم التي بدأتها عاصفة الحزم فأعادت الأمل بقرب عودة اليمن المختطف إلى حضنه العربي.

ها هي قوات المقاومة الشعبية والجيش مدعومة بقوات التحالف تقترب كثيرا من صنعاء.

وها هم الحوثيون يتساقطون تباعا قتلى وأسرى فيما يتسرب قادتهم لواذا وهربا على نحو متتابع إلى إيران.

أما المخلوع علي عبدالله صالح فيواجه مع حالة اليأس تخليا مترادفا من الذين كانوا يؤيدونه على مضض، وبالمقابل بدأت العشائر تتخلى عن سلاحها وتنضم إلى القوات الشرعية.

لقد بات واضحا أن المعركة قد شارفت على الحسم -بإذن الله- وأن عاصفة الحزم تؤتي أكلها وتحقق أهدافها كما هو مرسوم لها، وأرجو أن تضع الحرب أوزارها -بمشيئة الله- عما قريب.

على أنني لا أملك تفسيرا لهذا التوقع سوى رصد متتابع وقراءة مستمرة للأحداث الجارية هناك، وربط كثير من الدلالات والتصريحات على نحو قادني لهذه الدرجة من التفاؤل.

لكنني أكتب هذا الكلام متفكرا في أحوال الديكتاتوريين، وعلى رأسهم علي عبدالله صالح الذي عرضت عليه خيارات النجاة بأكثر من سيناريو لكنه أبى واستكبر.

تخلى عنه الشعب اليمني، لكنه لم يعتبر، وجيء به إلى المملكة وقد فاحت ريحته محترقا بعد أن سبقته رائحة فساده وبطشه، لكنه مع كل ذلك لم يرتدع أو يتأدب، ولم يتخل عن أطماعه وغروره، فعاد مجددا إلى اليمن يحرك أزلامه ويثير الفتن ويلعب على كل الحبال ويحسبها ستنقذه من السقوط.

سبحان الله حيث تتكرر سوانح "الديكتاتوريين" وتتطابق ملامحهم وتتشابه مخارج حروفهم، فتجدهم يجترون الكلام من قاموس لفظي يتسم بالفوقية والتعامي عن مشاهدة الواقع، بل وتتمخض عباراتهم عن شتائم وملافظ تعبر عن حالة من التأزم والاختناق واليأس.

استمع إلى آخر كلمات القذافي ردا على "الفورة" الشعبية ضده، وستجد أنها تخرج من نفس القاع الذي يتهاوى إليه الديكتاتور في كل زمان ومكان.

وعلى السياق نفسه، يمكنك تتبع كلمات علي عبدالله صالح في لقاءاته وخطبه الأخيرة، وستجد أنه يغرف من نفس المرحاض، لكنه ينسى أو يتناسى أنه قد حان دوره ليمضي إلى نفس المسار الذي يمضي إليه كل الذين تجنوا على بلادهم وأهلهم.

لقد أحرقت يا علي كل الفرص وأذهبت كل الحلول التي كان يمكن لها أن تخلق لك مخرجا مأمونا، لكنك كابرت وعاندت، وحالك في ذلك مماثل لكل الطغاة، وستعرض عما قريب رغبتك في التنازل عن كل شيء، لكن الفرصة قد فاتت ولم يعد أمامك من خيار إلا أن تنزوي هاربا في إحدى الحفر أو في أحد الكهوف أو في إحدى مواصير المجاري، لكن الشعب اليمني الثائر لن يتركك هاربا إلى الأبد.

"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" سورة الشعراء.