جاءت مشاركة المملكة في الدورة الـ32 لمعرض تونس الدولي للكتاب، الذي انطلق الخميس الماضي لتثير مجددا سؤال المرجعية لهذه المشاركات، خاصة وأنها تمثلت في ثماني جهات حكومية، "وزارة التعليم ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وجامعة أم القرى وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة طيبة، إلى جانب مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ودارة الملك عبدالعزيز"، ليس من بينها "وزارة الثقافة والإعلام" !
وبالعودة للتاريخ، قد لا يعلم الكثيرون أن المعارض التي كانت تشارك فيها المملكة، كانت تتبع وزارة التجارة "بحسب المستشار الثقافي والإعلامي محمد عابس"، بينما يلحظ المراقبون أن المشاركة السعودية في معارض الكتب لم تخرج حتى الآن من رداء وزارة التعليم العالي "سابقا"، حتى بعد دمجها مع وزارة التربية والتعليم لتصبح وزارة واحدة "التعليم"، حيث لا زالت الملحقيات الثقافية التابعة إداريا لوزارة التعليم هي التي تشرف عليها في معارض الكتب الدولية.
ازدواجية في الإشراف والتنظيم
لا بد في البدء من الإشارة إلى أن إدارة المعارض قبل ولادة فكرة معارض الكتب كانت تتبع وزارة التجارة وكانت الجهات الأخرى تنسق معها للاشتراك في أي معرض أيا كان تخصصه، ثم بدأت بعض الصلاحيات في التنظيم تنتقل لجهات أخرى مع تطور العمل الإداري.
أما فيما يخص معارض الكتب فلم تكن هناك جهة واحدة ترعاها، ففي الرياض كانت جامعة الملك سعود وجامعة الإمام تتناوبان عاما بعد آخر لتنظيم معارض دولية للكتاب، وفي جدة كانت هناك محاولات متعثرة من قبل جامعة الملك عبدالعزيز والغرفة التجارية، وأقيمت معارض محدودة في مدن عدة. تنظيم معرض سنوي ثابت ضمن الروزنامة الدولية لمعارض الكتب بالتنسيق مع اليونسكو كان في عام 2006 تحت مسمى "معرض الرياض الدولي للكتاب" في مارس من كل عام تحت مظلة وزارة التعليم العالي، وبعد إنشاء وزارة الثقافة والإعلام انتقل تنظيم المعرض من وزارة التعليم العالي إليها منذ عام 2007 وهو مستمر إلى الآن.
معارض الكتب الدولية خارج المملكة كانت الفكرة في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز وبحكم أن الملحقيات الثقافية تتبع وزارة التعليم العالي فقد وجه -رحمه الله- وزارة التعليم العالي بالإشراف على تلك المعارض وتشارك الجهات الرسمية بالتنسيق معهم لتخصيص مكان لهم في الجناح السعودي الموحد. خلال السنوات الماضية جرت مطالبات عدة بنقلها من وزارة التعليم العالي "التعليم حاليا" إلا أن المشكلة كانت في عدم وجود ممثلين لوزارة الثقافة في تلك الدول، ومن ضمن الاقتراحات تحويل مسمى الملحقيات الثقافية التي تتبع التعليم إلى ملحقيات تعليمية وتكون الملحقيات الثقافية تابعة لوزارة الثقافة ولا زال الموضوع قيد الدراسة. في عام 2015 أقيم معرض جدة الدولي للكتاب ولكنه عزز الازدواجية في التنظيم فإلى جانب وزارة الثقافة والإعلام كان هناك اشتراك لمحافظة جدة والغرفة التجارية في التنظيم.
محمد عابس
المستشار الثقافي والإعلامي بوزارة الثقافة والإعلام
نقل الإشراف مرهون بطلب الثقافة
الملحقيات الثقافية بوضعها الحالي تنفذ النشاط الثقافي على أكمل وجه كجزء من مهامها الخارجية، وعن طريقها تشارك المملكة في الأنشطة الثقافية في كل دول العالم، ولا يوجد أي تقصير في أعمالها تحت مظلة وزارة التعليم.
تغيير مظلة المشاركات الخارجية من وزارة التعليم إلى وزارة الثقافة والإعلام، هذا الأمر مرهون بطلب وزارة الثقافة وقرار مجلس الوزراء، وإن كان كل منهما مكمل لعمل الآخر.
الملحقيات الثقافية لم تشتك مطلقا من ازدواجية أعمالها كملحقية تعليمية تتابع شؤون الطلاب السعوديين في الخارج، وكجهة مشرفة على المشاركات السعودية الثقافية في الخارج.
والجهة التي ستنتقل إليها مهمات الإشراف على المشاركات السعودية الثقافية في الخارج، لابد أن تكون مستعدة للتمثيل على أكمل وجه، ولا مانع من الاستفادة من خبرات الملحقيات تحت مظلة وزارة التعليم، ووزارة الثقافة والإعلام مؤهلة تماما لهذا. الحضور السعودي في المناسبات الدولية الكبيرة كمعارض الكتاب الدولية، عادة ما تكون كضيف شرف بدعوة رسمية من الدولة المنظمة لتلك المناسبات، بمعنى أن يكون هناك جناح متكامل للمملكة، وليس أجنحة فردية للجامعات والمؤسسات الثقافية والتعليمية المشاركة، كالجامعات ودور النشر والمؤسسات الأخرى في المملكة.
سالم المالك
المستشار والمشرف العام على إدارة التعاون الدولي بوزارة التعليم