مؤلم أن تجد عربيا مسلما مغتربا يخجل من أمته، كون قلة من المسلمون لا يمثلون حقيقة هذا الدين العظيم، من المؤسف أنك لم تفلح في إقناعه بعكس ذلك، فالإعلام ينقل أخبارا وصورا تؤكد أن المسلمين وحدهم من يقتل بعضهم بعضا.
فلقد أرسل رسالة تحمل قولا ينسب إلى "أنجيلا ميركل" المستشارة الألمانية جاء فيها: (إن الصين والهند لديهما أكثر من 150 ربا، و800 عقيدة مختلفة ويعيشون بسلام مع بعض، بينما المسلمون لديهم رب واحد وكتاب واحد ونبي واحد.. ولكن شوارعهم تلونت بالأحمر من كثرت دمائهم.. القاتل يصرخ الله أكبر والمقتول يصرخ الله أكبر).
فمع أن هذا الكلام ليس دقيقا تماما، ومع أنه يحمل مبالغة وتعميما لا يصح، كما أن المذابح الهندية والصينية العنصرية ضد مواطنين مسلمين أكبر من أن تتجاهلها "ميركل"، لكن وعلى أية حال هذا الكلام سواء صح عنها أو لم يصح فيه شيء من الصحة، سنجد فئة تدعي دفاعها عن الإسلام استباحت دماء وأموال وأعراض عامة المسلمين، سنجدهم يكفرون الدول الإسلامية حكومات وشعوبا، والغريب أنهم يعلنون أنهم يفعلون ذلك باسم الإسلام، متجاهلين قوله سبحانه: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)، لقد كفرونا على اختلاف مذاهبنا، وهكذا استباحوا دماءنا وأعراضنا وأموالنا، وتعمدوا قتل أنفسهم ظنا منهم أنهم بذلك سيدخلون الجنة!! هؤلاء لا يفقهون حديثا ولا يعون المعاني السامية لآيات القرآن الكريم التي حرمت القتل والإرهاب، فهم يتعمدون قتل المصلين في المساجد، هؤلاء لم يتوقفوا ولم يتأملوا قوله تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين، لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم)، وقال سبحانه: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)، هؤلاء الخوارج أوقفوا عقولهم وضمائرهم عن العمل، هذا إن كانت لهم ضمائر وعقول، هؤلاء عاثوا في سورية فسادا وفي العراق وفي لبنان في غيرها، وتسللوا إلى بلادنا سعيا منهم لنشر وبائهم بين شبابنا وحتى شيوخنا ونسائنا.
نعم لدينا جنود بواسل لا يهابون الموت تمركزوا على حدودنا وفي أرجاء بلادنا، ولكن نحن كأفراد علينا التحرك ببطء تارة، وبسرعة تارة أخرى، بحسب الموقف الذي يظهر أمامنا، فجنودنا على الحدود وعلى الطرقات يسهرون لننام في أمان، حفظهم الله وسدد رميهم، أما نحن فعلينا في بيوتنا وفي تجمعاتنا توضيح حقيقة تاعس أو فاحش وحزب الله.. وفوق هؤلاء وأولئك علينا بيان حقيقة إيران دولة الإرهاب، ومن معها ومن على شاكلتها، علينا أن نرفع أصواتنا ليسمعها ويعيها البعيد قبل القريب.. علينا أن نفعل ذلك حماية لديننا من التشويه الذي يمارس عليه من الخوارج وممن امتهن القتل وبشكل دائم، علينا أن نفعل ذلك حماية لأبنائنا ولأحفادنا ولمقدراتنا.
أما توحيد الصفوف فهو أمر لازم وبه إن شاء الله تتحقق القوة والمنعة، فبتوحيد الصفوف إن شاء الله نضعف خصومنا ونزيلهم من الوجود.. ومن هنا كانت سعادتي لا توصف عندما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري تقوده المملكة لمحاربة الإرهاب والذي يضم في عضويته 35 دولة عربية وإسلامية، فقد أشار سموه إلى أن هذا التحالف يأتي حرصا من العالم الإسلامي لمحاربة هذا الداء، ولكي يكون شريكا للعالم كمجموعة دول في محاربته.
نحن في واقع الأمر في عهد التكتلات الاقتصادية والعسكرية، والقوة لا تنبع من الذات فقط بل من تأييد الشعوب والحكومات، والتحرك في هذا الاتجاه يدل دلالة واضحة على وعي القائمين على هذا التحالف ومحركيه، وعلى ضرورة إمداده بكل ما هو متاح وغير متاح من دورات تدريبية، سواء نظرية أو عسكرية، وإمدادهم بالأسلحة القادرة على رد العدو، مهما كان وأينما كان وعلى أي حال كان، فالأعداء كثر، لكن الله أقوى بإذن الله.
وأخيرا أقول.. ليعمل كل منا في مجاله، واضعا نصب عينيه أنه معني بمكافحة الإرهاب وبذوره المسمومة، فالأم والأب في بيتهما، والمعلم والمعلمة في مدرستهما، والأكاديمي في قاعته.. إلخ، فكل منا معني بمكافحة الإرهاب، حسب موقعه، والله المستعان.