قمة التناقض في مقالي هذا، فبين السعادة الغامرة تنبثق جراح الحسرة، وبين التعاون والتكافل تنداح مسافة الألم تحت وفوق السطور.
الملتقى الخامس لتوظيف المعاقين والمعاقات يكشف الوجه المؤلم لجزء من حياتنا الاجتماعية، فعندما انتهينا من تجديل أشعة شمس الثلاثاء الماضي بدأ الباحثون عن بصيص الأمل يتوافدون على مقر جمعية الأطفال المعوقين (مركز عسير) يحملون ملفاتهم "علاقي أخضر"، وبدأت الاحتفالية الشكلية - تكررت من قبل 4 مرات وكررت الغرفة التجارية المشهد في فندق فاخر 5 نجوم - أتينا للجمعية نلبس الثياب الفاخرة بالعطور الباريسية وبطون ممتلئة، وأتى المعاقون بثياب رثة وبطون خاوية وجيوب خالية ومؤهلات دراسية عالية وإمكانيات تقنية وذهنية صافية وملفات خضراء، واكتمل المشهد التراجيدي بقدوم ممثلي الشركات يحملون كلاما كثيرا ووعودا عرقوبية تلون الهواء وتبلط البحر.
مشاعر السعادة ازدادت بحضور مسؤولي التعليم ومكتب العمل، وصندوق الموارد البشرية وحرصهم على نجاح الملتقى وتحقيق أهدافه، وفي الجانب الآخر قرأت وجوه فئة غالية من مجتمعنا فندمت على وسائد ريش النعام، وحزنت على غياب الجهات الفاعلة وتصفحت بعض القصص فشعرت بالإحباط.
شاب قادم من الحد الجنوبي متنقلا من قريته الصغيرة إلى الربوعة مرورا بمنفذ علب ثم ظهران الجنوب ثم خميس مشيط برصيد 40 ريالا، يتنقل بين الحاجة والفراغ والجدة -عليكم الحساب- وشباب جامعيون مؤهلون وأصحاب خبرات وطموحات أتوا يبحثون عن الضوء الخافت في نهاية سرداب "ملتقانا"! تعبوا يمنون الأسئلة بالإجابة، وتعبوا ينتظرون شروق شمس حياتهم، حفيت أقدامهم بين شركات تفكر في "نطاقات" وجمود بشري وتجاهل إنساني. مشاعري متناقضة وحجم السعادة تاه في دهاليز الألم والحسرة على هم مطروح على طاولة المجتمع.