هناك بعض الدوائر الخدمية يغيب فيها الضمير والمسؤولية بغياب الرقيب أو المتابع لمستوى إنجازها للعمل، وغياب حس المسؤولية لا يقتصر على الموظفين فقط بل في أغلب الأحيان رأس الهرم هو من بث هذا الشعور باستغلاله امتيازات المكان في التملص من مهام عمله بالتغيب المستمر والتأخر عن موعد الحضور، وغيرها من أعذار السفر لمهام عمل أو اجتماعات طارئة، ولأنه بهذا السلوك الوظيفي غير الجيد فإن كادره المعاون لن يسير إلا على نهجه، ما لم يكن هناك موظف ضميره حي ويرفض الإخلال بالأمانة ليتحمل هو تسيب الآخرين وضغط العمل وتذمر المراجعين الذين تتعطل مصالحهم وترهقهم مشاوير الذهاب والإياب في انتظار حضرته أو حضرتها، لأن السلوك موحد مع الأسف في الإدارات النسائية والرجالية، وما قد يزيد لدى النساء هو ارتفاع هاجس التملك وفرض السيطرة بتجنيد عناصر مقربة منهن لمراقبة زميلاتهن ونقل ما يدور بينهن من أحاديث، والمكافأة لهن مجزية، فغير تقييم الأداء الوظيفي المرتفع هناك التغطية النظامية لغياباتهن المخالفة للنظام، وذلك في حال صحت إدارة الرقابة مبكرا وزارتهم للسلام والاطمئنان والتذكير أن هناك زمالة سابقة وجيرة حالية، لتسوى الأوضاع في نهاية المطاف بالتراضي للطرفين.

مخالفات كثيرة وقصور في العمل وغياب للإنصاف في العديد من الدوائر، وخاصة في المناطق التي لا يصلها الرقيب بسهولة، وإن نوى فخبر وصوله معلوم بالدقيقة والاستعداد لطمس معالم الإخفاق وإسكات الألسن الشاكية قد تم اتخاذ التدابير حياله، ليصل وأمامه دلة قهوة ومبخرة عواد وممرات مصقولة تردد صدى الخطوات وهي تهم بالمسير من مكتب لآخر، دون أن تقف متداركة ما قد تخفيه الشقوق أو الأدراج المقفولة من خبايا، استخراجها يتطلب التمهل في المسير والمكوث وقتا أطول مع الموظفين والمراجعين، وأيضا إرهاف السمع لهمسات من عجزوا عن إيصال شكاواهم للجهات العليا.

مع الأسف إن هذه النماذج من الإدارات ومديريها موجودة، وفي العادة تغيب فيها روح الألفة والتعاون وارتفاع مستوى الإنجاز، ويبرز التذمر والشكوى، وهنا يتطلب الأمر حضور الرقيب بتكثيف زياراته ومتابعة مؤشرات الأداء عن قرب، دون الاكتفاء بالتقارير الوهمية عن أداء المسؤول، وهي في الحقيقة ليست إلا محصلة لمجهود موظفيه الأكفاء الذين صادر حقوقهم باستيلائه على جهودهم ونسبها لنفسه.