يُركِّز الرئيس الأميركي بارك أوباما، في الأشهر الأخيرة من رئاسته، على إغلاق سجن خليج جوانتانامو، حيث يشير إلى ذلك الإفراج الأخير عن 10 معتقلين خطيرين، مع وعد بالإفراج عن المزيد منهم قريبا. ولكني أرى أن مثل هذا التصرف قد يُعرِّض أرواح الأميركيين وأرواح أصدقائنا وحلفائنا للخطر.
وبناء على تجربتي التي امتدت خمس سنوات مع إدارة الرئيس السابق جورج بوش، عندما كنت المسؤول الحكومي عن قرار نقل أو الإفراج عن المقاتلين الأعداء من جوانتانامو، وخلافا لما قد يعتقده البعض، فإن بوش لم تكن لديه أي رغبة في احتجاز أي شخص في جوانتانامو لم تكن ثمة حاجة أكيدة لبقائه هناك.
وكان التوجيه الذي تلقيته من بوش ينص أولا على تحديد المعتقلين الذين يمثلون قدرا أقل من الخطر من خلال عملية بحث دقيقة عكس مقاربة إدارة أوباما. وكانت العملية تشمل تلقي آراء وتقييمات كثير من الوكالات الفيدرالية والمنظمات الدفاعية، العسكرية منها والمدنية. وقد قرأتُ شخصيا ملفات وتوصيات كل منظمة من تلك المنظمات -التي كان العديد من توصياتها متعارضا- قبل اتخاذ قرار نهائي. وبالطبع، فإن عدم عودة أي من المعتقلين السابقين إلى النشاط الإرهابي أمر غير وارد. والسعي إلى تحقيق التوازن المناسب كان مهمة صعبة وشاقة كثيرا ما كنا نضطر لتحقيقها استنادا إلى معلومات غير مكتملة.
وبعد أن تلقيت تطمينات من قبل البلدان المضيفة بأن المعتقلين العائدين سيخضعون للإصلاح وإعادة التأهيل وسيحتجزون في مراكز اعتقال محلية أو يكونون محل مراقبة بطرق أخرى، بادرتُ بنقل معتقلين أكثر خطرا من جوانتانامو. ولكن مع مرور الوقت، وجدت أن بعض تلك التطمينات لم يتم الوفاء بها وأن بعض المعتقلين كانوا يعودون إلى القتال.
واستنادا إلى ما كنت أعرفه وقتئذ- وكنت قد درست كل ملف من تلك الملفات عدة مرات- أستطيع أن أقول: إنه لا أحد منهم كان سيوافق على الإفراج عنه. ولكن في ظل إدارة أوباما، تم الإفراج عن أكثر من نصفهم، لا أحد منهم يُعتبر "منخفض الخطر"، وفق عملية البحث الدقيقة التي أجريناها خلال إدارة بوش. أما تصريحات إدارة أوباما التي تشير إلى العكس، فهي مضللة في أحسن الأحوال.
ولعل الأهم من ذلك هو أن قانون الحرب يمنح الدولة التي هي في حالة حرب الحق القانوني في اعتقال العدو طيلة زمن الأعمال الحربية. والحال أن الحملة العالمية ضد أيديولوجيا التنظيمات الإسلامية العنيفة من المستبعد أن تعرف نهاية قريبا. وقيادتنا الوطنية لديها الحق القانوني، والواجب الأخلاقي، لمواصلة اعتقال المقاتلين الأعداء طالما أنهم يمثلون خطرا ويمكن أن ينضموا من جديد إلى أعمال عدائية ضدنا.
وأعتقد شخصيا أن اختيار وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر واضح جدا، وإن كان صعبا: عليه أن يقاوم ضغوط البيت الأبيض القوية ويرفض الموافقة على أي عمليات نقل إضافية للمعتقلين. أما إذا لم يمنحه الرئيس أي اختيار، فيجب عليه أن يكون مستعدا للاستقالة من منصبه وزيرا للدفاع. فربما يدفع مثل هذا القرار الدراماتيكي من قبل الوزير الرئيس إلى إدراك حقيقة أفعاله: أن نقل المعتقلين الأكثر خطرا -الذين من شبه المؤكد أن ينضموا إلى القتال من جديد- يمثل خطرا واضحا وحقيقيا بالنسبة لبلدنا ولأمن حلفائنا.