يوسف زيدان الروائي والمفكر المصري، أحد أبرز نجوم المشهد الثقافي وأكثرهم إثارة ونتاجا خلال الأعوام العشرة الأخيرة، واضح أنه اقتفى أثر "أمبرتو إيكو" الفيلسوف اللاهوتي الإيطالي حكما، المسافة التي يصطنعها زيدان بعدم الإشارة لا من قريب، ولا من بعيد تعزز هذا الرأي أكثر.

محاولته في كتابه "متاهات التوهم" في أولى السباعيات لتوسيع تهمة ارتباطه بـ"دان براون" وعمله الشهير "شيفرة دافينشي" وسهولة نقض التهمة برده على الأنبا بيشوي يؤكد الأمر. فاللغة والأجواء، والأبعاد الروحية، وتفاصيل أخرى لا يمكن أن تدل إلا لجادة واحدة، حيث يتضح أن قراءة "زيدان" لـ"إيكو" واستيعابه أخذا زمنا.

الرجل اشتغل على المشروع عمرا، الاثنان يكادان يعملان في الحقول ذاتها ويهتمان بالأمور عينها.

عرب زيدان إيكو بطريقة ما وأبهر به القراء مع فوارق تقنية وفنية.

الاشتغال بحقول فكرية متخصصة لا يمكن أن يكون الصدفة وحدها من قاد الاثنين لذات الطريق، فالأفكار لافتة ومغرية، كتفكيك الأديان والمذاهب والعمل على تفاصيلها التاريخية وتغييراتها الكبيرة، كان هذا منهج "إيكو" المتشعب والعميق، مشروع حياته الأثير بوصفه فيلسوفا لاهوتيا بالأساس ومعلقا سياسيا وروائيا ومزيجا من ذلك كله.

 لم يشر يوسف زيدان في أي كتاب من كتبه لـ"إيكو"، لم يهجه أو يمتدحه، تجاهله وكأنه غير موجود، ومسألة أن تتجاهل نموذجا أعلى يشتغل في ذات حقول اشتغالاتك الفكرية والإبداعية، وهو غير نكرة إطلاقا دليل إدانة، وسؤال يشتعل بانتظار شافي الإجابات.

فإذا لم يكن زيدان قرأ "إيكو" أو تأثر به، أليس من الأولى أن يكون التقاه بحكم الاهتمامات المشتركة والمؤتمرات الكثيرة؟.

 "اسم الوردة" الرواية قارنوها بـ"عزازيل"، قواسم مشتركة ولغة بالكاد تفترق، واهتمامات تثير الشك وتؤكد التهمة حتى يثبت ما ينفيها في زمن يصدمنا كل يوم.