عبدالحميد جابر الحمادي


نقل لي أحد المتخصصين في الدراسات الاجتماعية والنفسية، أنه أجرى دراسة ميدانية على نحو مئة سجين ضمن الموقوفين في أحد السجون بمدينة الرياض، وقضاياهم واحدة وهي "تعاطي المخدرات أو ترويجها"، إذ وجد أن العامل المشترك بينهم هو وقوعهم في التدخين مبكرا، وهذا يرجع لأسباب عدة، منها الأصدقاء والأقران، أو الفضول، أو لسوء الوضع الاجتماعي، أو لضعف المتابعة الأسرية، أو بداعي المحاكاة والتقليد، أو للبحث عن مكانة بين الأصدقاء والأقران، أو بسبب العنف الذي لاقاه من الوالدين، أو لجفاف العلاقة العاطفية بين أفراد الأسرة.

أقول مع تأكيدي، بأن التدخين المبكر يهيئ الإنسان للانحراف السلوكي الكلي، الذي قد لا يكون بعده عودة، وذلك لأن هناك فرصة وفسحة ووقت للمدخن المراهق بأن يوسع من دائرة معارفه الذين ربما يكونون اُبتُلوا بالوقوع في براثن المخدرات، مما يتيح له الفرصة لمعاودة الأسباب ذاتها في وقوعه في التدخين، من أجل ضمان مقعد له بين أقرانه الجدد، ومن العوامل التي ربما تسبب في انحرافه السلوكي الكلي، هو أن طول فترة تدخينه قد تميت وتخفض من شعوره بالخوف أو الرهبة من المجتمع المحيط، بسبب اعتياده على ذلك السلوك.

الهدف من عرض نتائج هذه الدراسة العلمية الميدانية المحلية، ليس لاستعراض خطورة التدخين والتحذير والتنبيه من مخاطره الصحية والنفسية والاجتماعية، فهذا أمر لا يجهله عاقل مهما اختلفت ديانته أو مكانه، إنما الغاية والمغزى هو التنبيه على أسباب وقوع المراهق في التدخين المبكر، من أجل تلافيها ومراعاتها والاستعداد لها، وذلك بإضفاء العلاقة الودية واللطيفة والدافئة بين أفراد الأسرة، وأن يجتهد الوالدان في احتواء المراهق، خلال رفع نسبة التثقيف الذاتي لديهم بالاطلاع على ما قيل في التربية عبر وسائل الإعلام المختلفة، أو الاشتراك في المجلات المتخصصة في المجال ذاته، فالتربية ليست اجتهادا ذاتيا أو توارثيا، فهي اليوم ثقافة وعلم وتجربة.