خالد سعد الحبشان
إن الدور الذي تقوم به مؤسسات القطاع الخاص في عملية التنمية هو التكافل الاجتماعي مع فئات المجتمع من المستهلكين لهذا الإنتاج، وفئات أخرى تسهم بدور تنموي آخر. ومن هذا المنطلق ظهر ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، أو ما يعرف بأسماء متعددة مثل مواطنة الشركات وأداء المؤسسات الاجتماعية.
فكرة المسؤولية الاجتماعية للشركات تضفي طابعا تكافليا على الأعمال الاجتماعية المختلفة، وهي كل ما تقوم به الشركات، أيا كان حجمها أو مجال عملها، طواعية من أجل تعظيم قيمتها المضافة للمجتمع ككل، والمسؤولية الاجتماعية هي مسؤولية كل شخص بالشركة وليست مسؤولية إدارة واحدة أو مدير واحد.
ومن هنا بدأت الأهمية الكبرى والعظمى للشركات، من خلال القيام بدورها المنشود فيما يتعلق بضرورة التزامها بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية والبيئية على أكمل وجه.
ولعل ظهور ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية للشركات ضرورة محتمة في وقتنا الراهن، بسبب تعاظم الدور الذي تلعبه تلك الشركات ومدى تأثيرها في مجتمعنا، فهي تخلق روحا من التضامن للارتقاء بهذا الوطن الغالي.
ولقد كان هذا الأمر حافزا مهما للمهتمين بالمسؤولية الاجتماعية للتركيز على هذا الأمر المهم، ونتج عن هذا الأمر انبعاث الاهتمام بمسؤوليات قطاع الأعمال الاجتماعية، وإلى تطورها وانتشارها على نطاق واسع أولا في العالم المتقدم، وثانيا في بلدان الجنوب ومنها منطقتنا العربية.
وإن كان سبب نشوء المسؤولية الاجتماعية مرتبطا بطابع إلزامي في بدايته، إلا أنه أصبح اختياريا وطواعية، خاصة في مجال سوق المنافسة بين الشركات، فبعض الأعمال التي تقوم بها الشركات من خلال مسؤوليتها نحو المجتمع أصبحت بديلا للدعاية الإعلانية التي تقوم بها، واحتل ذلك الجانب اهتمام العديد من الشركات الكبرى التي ترعى برامج هادفة لخدمة المجتمع، وقد تكون دعاية لتلك الشركات وفرضها على المستوى الاجتماعي والبيئي.
وبالرغم من مدى أهمية دور القطاع المصرفي تبني مشروعات المسؤولية الاجتماعية في الدول الغربية، إلا أن دوره في مجتمعنا لا يرقى للحد الأدنى في تبني هذه المشاريع، ومشاركة الدولة في التنمية المستدامة والقيام بدور مؤسسي اجتماعي فعال يوازي ما تجنيه من أرباحها السنوية، ونرى إلزامية تطبيق المسؤولية الاجتماعية للشركات على القطاع الخاص للقيام بدورها تجاه الدولة والمجتمع.
إن ما تقوم به الشركات من دور مهم من خلال المسؤولية الاجتماعية لهو ضمانة دعم المجتمع لأهدافها ورسالتها التنموية والاعتراف بوجودها، ويسهم هذا العمل المهم في تحقيق الشركات لأهدافها وفقا للخطط المعدة مسبقا، إلي جانب احتياجات المجتمع ومتطلباته الحياتية والمعيشية الضرورية، إضافة إلى خلق فرص عمل جديدة من خلال إقامة مشاريع خيرية واجتماعية تساعد في دفع عجلة التنمية والتقدم.
كذلك فإن الثقافة الاجتماعية وثقافة المواطنة تجعل المستهلك يتعاطف ويبحث عن منتج الشركات التي لها دور تنموي بارز في المجتمع، ولعل الدافع إلى ذلك هو الإحساس بروح المواطنة ومشاكل المجتمع والمساهمة في حلها.
ومفهوم المسؤولية الاجتماعية وإن كان حديثا بالنسبة لمجتمعاتنا، إلا أن هذا الفكر أصبح متزايدا في الظهور والتطور من خلال مؤسسات القطاع الخاص التي أصبحت تتبنى تلك الفرصة، مما يجعلها قابلة للتزايد والتطبيق، وأصبح بروزها وأهميتها أمرا لا غنى عنه في وقتنا الحالي.
ومن منطلق ما سبق، يعد القطاع الخاص أحد الأعمدة الأساسية بوصفه شريكا في التنمية الاجتماعية.
وعلى هذا، تعد المسؤولية الاجتماعية للشركات هي الترجمة الحقيقية لمبدأ الحقوق والواجبات، والتقارب بين الأغنياء والفقراء من خلال تضييق الفجوة بينهم كأساس للنهوض بالمجتمع في المجالات المختلفة.