على ضفاف رمال صحراء نجد الذهبية، ومن بين باسقات النخل، وبرعاية فتية، وحس واع ومدرك بأهمية التراث والثقافة، بدأ أول عرس ثقافي يعنى بالتراث والثقافة ليس عربيا فقط، بل عالمي منذ ثلاثين عاما هنا في قلب الوطن (الرياض).. حضرت الجنادرية لتستنهض سير التاريخ، سواء في المملكة أو الخليج العربي أو العالم بشكل عام.. وحين يكون هناك اهتمام بالتراث والثقافة فهذا أساس الاهتمام بالإنسان وتاريخه وتناقله عبر الأجيال، ليسير على امتداد الجغرافيا والزمن عبر هذا المهرجان الكبير..
وعند ما تذكر الجنادرية تظهر لنا شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، تحضر لنا الابتسامة الصادقة النابعة من قلب أصيل العروبة نقي واثق.
تحضر لنا شخصية الفارس التي رسمت الطمأنينة والهدوء على ملامحه، والتي لم تتناف مع شخصيته الفاعلة وحضوره السياسي القوي. كان قد قاد وأسس هذه التظاهرة الثقافية، ?يمانه بالاتصال بين الإنسان وتاريخه.. احتضن هذه البقعة المترامية الأطراف في قرية واحدة تتنقل فيها بين أمجاد الأجداد وتاريخهم العريق وما كانوا عليه عبر العقود الماضية مذ تأسيس هذا الكيان العظيم..
الملك عبدالله، رحمه الله، كان يسعى للنهوض بالإنسان العربي؛ لحمته وتاريخه ومستقبله، لذلك عمل على إيجاد هذا المهرجان إسهاما منه في تلاقح الثقافات عربيا وعالميا، وخلق قنوات بين المملكة والعالم نتبادل من خلالها الثقافة التي تسهم في توثيق العلاقة بيننا، وإذابة التحزبات الفكرية والطائفية التي تحاول نخر عظام وحدتنا الوطنية.
مهرجان الجنادرية يسعى إلى تفعيل وحضور الثقافة الخليجية من خلال إشراك دول مجلس التعاون والدول العربية في الندوات والمحاضرات والقراءات في التاريخ، بحضور الباحثين والمؤرخين والمتهمين بالتراث والثقافة في كل أقطار العالم...
الحرس الوطني ورجاله قادرون على خلق كيان مؤثر في الثقافة العربية والسعودية تحديدا له حضور عالمي معترف به، بل مقدر ومهتم به في كل أصقاع الأرض، بهذا العرس الثقافي واستقطابه للثقافات المتنوعة بحضور الدول كضيف شرف كل عام..
هذا العام هو المتمم للثلاثين ربيعا من عمر الجنادرية، يأتي وقد غاب مؤسسه الأول عبدالله بن عبدالعزيز جسدا، لكنه خالد في ذاكرة هذا الوطن وفي قلوب الأوفياء..
الرحمة لرجل الجنادرية الأول، والبقاء لرجل الحزم "سلمان بن عبدالعزيز"، ولوطن العراقة والتاريخ الأصيل.