من الرائع أن ينفتح الناس على الجوالات، وأنواع الكمبيوترات، ومن الجيد الاتصال بالعصر والدخول في جديده وحديثه، لكن تلك المقتنيات لها سلوكيات وآداب من المهم أن تكون نصب أعيننا!

معظمنا يستخدم التقنية بذات الجفاف الذي نتعامل فيه مع بعضنا ، يتصل بك من لا تعرفه في أوقاتٍ متأخرة، ويكررالاتصال مراراً كما لو كنت سنترال إسعاف للطوارئ، مع أن الأدب يقتضي أن ترسل رسالة نصية لجوال من تريد الاتصال به لأول مرة لتعرف بنفسك وبالموضوع الذي تتحدث فيه. ولتستأذنه إن كان الوقت مناسباً.

لا ينقص من قدر أحدٍ أن يبعث برسالةٍ يقول فيها أنا فلان بن فلان من الجهة الفلانية وأريد أن أتحدث بالموضوع الفلاني.

يعتقد الفارغون أن الناس فارغون مثلهم، ولهذا فهم لا يعتبرون ما يمارسونه إزعاجاً فهو أهمّ ما لديهم. أخطر البشر الذين لا عمل لديهم ويؤذون الناس بالاتصالات من دون أن يكون لديهم عمل أو حديث مفيد. بعضهم يتصل عشر مرات على رقمك من دون أن تعرفه. بعضهم الآخر يظنّ أن رقمه مشهور وأنه مسجل في جوالات الأمة كلها، لهذا حين يتصل يتعجّب أنك لم تعرفه، وأنك لم تحفظ رقمه. هذا السلوك منتشر ومستشرٍ ومتفشٍ في المجتمع السعودي للأسف.

من الأدب أيضاً أن تخبر من اتصلت عليه كيف أتيت برقمه، وأن فلاناً هو من أعطانيه وأنه صديق مشترك مثلاً، ومن الدماثة أن نستأذن أي إنسان قبل أن ننشر رقمه على ملأ، لأن الفارغين كثر، يجلسون في استراحاتهم بعد أن جرّوا رأس الشيشة ثم يتصلون على الناس من دون أن يعلموا أن هناك أناسا لديهم مشاغل كثيرة ومتنوعة. يتصلون من دون أن يكون لديهم أي حوار مفيد أو موضوع عملي. وما أكثر هؤلاء وأوفرهم في المجتمعات التي لم تستقر فيها تقاليد الاتصال وآداب التواصل العامة.

تعاملتُ مع الأوروبيين وخبرت كيف يتعرفون على الشخص، لا يبحثون عن رقمك. بل يرسلون لك إيميلاً فيه الشرح الوافي للموضوع المراد الحديث عنه لئلا يأخذ الحديث في الجوال وقتاً طويلاً، ثم يضع عناوينه أسفل الإيميل، ويطلب منك أن تتواصل معه بالطريقة التي تحب. يبدأون بالإيميل المشاع والمعروف، ثم تعطيهم رقمك أو وسيلة الاتصال بك. ليست كل الأعمال تحتاج إلى الاتصال الهاتفي، الإيميل يحلّ الكثير من الاتصالات المبالغ فيها.

يقترح كاتب هذه السطور أن يقرأ بعض الثقلاء في أصول التعامل مع الناس، وأن تكون هذه الأصول ضمن المناهج التعليمية. لا أذاقكم الله سطوة الثقلاء.