إن قضايا التحكيم وفي أغلب دول العالم استمرت وكأنها أمراض مزمنة لا علاج لها، دام معها الجدل والتشكيك والدخول في النوايا مع دوام اللعبة، ومع أن دور الحكم هامشي والكرة لا تلامس قدميه، ولكنه أداة أساسية للمباراة لا تتم بدونه، وقضاياه ظلت مصدرا دائما للتوتر وفقدان الثقة والتوجس والريبة بين جماهير الأندية ومسؤوليها.

ومشاكل التحكيم والتي تكمن في الأساس بعلاقة الحكم بالأغلبية وهم الجماهير، وعلاقته بالنخبة وهم من يدير الأندية والرياضة، فكان العلاج المسكن هو استجلاب حكم أجنبي يمثل منطقة عازلة بين الأغلبية وهم الجماهير والنخبة وهم المسؤولون، فالحاجة للحكام الأجانب لم تكن لملء فجوة أو بسبب ندرة في عدد الكفاءات، بل لضمان حيادهم وموضوعيتهم والتي لا يمكن أن تتحقق مع الحكم المحلي بأي حال من الأحوال.

فعلاقة الحكم الأجنبي بالمجتمع المضيف هي علاقة منعزلة ومغتربة دائماً لا جذور لها ولا ولاء، فهم غرباء عن المجتمع بشكل شامل، والحكم الأجنبي يتعامل مع بشر لا يكترث بهم ولا بالرأي العام الصادر من إعلامهم، ولا يخشى على مستقبله المهني في بلادهم، بعكس الحكم المحلي الذي لا يستطيع الانفصال عن المجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه، فهو يعرف الأندية ومن يديرها معرفة وثيقة ويعرف مقدار الصخب الإعلامي والجماهيري الصادر من كل ناد، وبما أنه لا يحظى على أي حماية أو حصانة فإنه دون ريب سيتأثر سلباً بهذا المجتمع وبرأيه.

الحكم الأجنبي يستطيع أن يحتفظ بمسافة بينه وبين المجتمع، لذا هو قادر على تحقيق موضوعية وتجرد وحياد أكبر، لذلك فإن تحقيق الحياد قد استدعى المسؤول الرياضي الاستعانة بمجموعات تستقدم من خارج المجتمع تقوم بأداء مهام معينة لا يمكن لغالبية أعضاء المجتمع الاضطلاع بها، وبعد نهاية مهامه المحددة مسبقاً فإن علاقته بالمجتمع المضيف تنتهي مباشرة.