أقرأ بعض الأخبار والقرارات السلبية المتعلقة بحياة المواطن اليومية، وكثيراً ما أتمنى أن أكون فهمت محتواها بالخطأ، ولو كلفني ذلك ضريبة لوم الآخرين و"طقطقتهم"، أواعتبار ما قلته "درعمة" محترمة!

أحياناً أقرأ الخبر مرة وأخرى وثالثة، وأتمنى أن يختلف فهم محتواه عن سابقه، أو أكون أسقطت سطراً حاسماً سهوا، لكن للأسف في كل مرة أرى الخبر أكثر وضوحا!

من ذلك ما نشرته الوطن" أول أمس الأربعاء على صفحتها الأولى بعنوان "الصحة تخفض مشتريات الأدوية 50%"، ويتحدث عن تعميم عاجل من وزارة الصحة بتخفيض مشتريات الأدوية واللوازم والأجهزة الطبية بنسبة 50%، وإلغاء 30% من بنود المنافسات المبلغة للشركات والتي تقل مبالغها عن 100 مليون ريال والجاري توريدها حالياً. مع التأكيد على ضرورة الرفع لديوان الوزارة بنتائج هذا التخفيض خلال مدة أقصاها 30 يوماً من تاريخ التعميم.

من المفارقة أن يتزامن تعميم وزارة الصحة مع بيانات لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات التي تتحدث عن ارتفاع عدد سكان المملكة إلى 31.5 مليون نسمة بنهاية عام 2015.

لست "فلتة" في الرياضيات، لكن عند الربط بين تخفيض مشتريات الأدوية وزيادة عدد السكان، أشعر بأن هناك تناقضاً، لأنه من الطبيعي أن يزداد الطلب على الدواء مع زيادة النمو السكاني لا العكس!

الأمر الآخر أن الباب الثاني من ميزانية وزارة الصحة وهو المتعلق بالأدوية والتدريب والإعاشة، لا يشكل رقماً ضخماً من إجمالي ميزانية الوزارة مقارنة بالباب الأول مثلاً والخاص بالرواتب والبدلات والذي يستقطع عادة نحو 60% من ميزانيات الوزارة، أو الباب الثالث المتعلق ببرامج التشغيل وعقود الصيانة والنظافة.

صحيح أن في وزارة الصحة –مثل معظم الوزارات– هدراً مالياً، لكن تخفيض توريد الأدوية بنسبة 50%، يتجاوز مفردة الترشيد بكثير!

أتمنى أن أكون مخطئاً، ويكون المقصود هو خفض قيم عقود الشراء فقط، مع بقاء كميات الأدوية واللوازم الطبية التي يحتاجها المرضى دون تغيير. لأنه إن كان الأمر كما فهمته وفهمه كثيرون، فلا أعتقد أن وزارة الصحة بحاجة إلى انتظار شهر لمعرفة نتائج خفض كميات الأدوية وغيرها إلى النصف!