في عالم مثقل بتقلبات أسعار الطاقة، قلما توجد شركة مثل الكهرباء السعودية في سعيها الدؤوب لتأمين خدماتها وتحقيق أهدافها من خلال الالتزام بمبادئها والمحافظة على سمعتها، ضمن معايير الأمانة وحقوق النزاهة التي أرست دعائمها فـي جميع أنشطتها وعلى كافة مستوياتها.

وفي عالم مكبل بتداعيات تباطؤ النمو، قلما تصمد شركة مثل الكهرباء السعودية أمام تحديات رفع كفاءتها وتوليد وظائفها وتضاعف متطلباتها، لتثابر دون كلل أو ملل على أداء أعمالها وتحقيق نتائجها وفقاً لأفضل الممارسات التجارية السليمة، وضمان حقوق مساهميها طبقاً لأعلى المعايير المحاسبية، وتطويع قدراتها الذاتية وتعاملاتها اليومية دعماً لمصالح المستهلكين التنموية.

والدليل على ذلك أن قرار مجلس الوزراء السعودي، الصادر في الشهر الماضي لإعلان الميزانية، والقاضي برفع جزءٍ من دعم الطاقة، جاء مؤكداً لتوصية وزارة المياه والكهرباء المبنية على اقتراح شركة الكهرباء بالإبقاء على أسعار التعرفة القديمة لأول شريحتين من شرائح استهلاك القطاع السكني، اللتين تقلان عن 4000 كيلوواط شهرياً وتشكل 87 % من فواتير الاستهلاك السكني، حتى لا يتأثر أصحاب الدخل المتوسط والمحدود من زيادة الأسعار.

كما جاء قرار المجلس منصفاً لبقية الشرائح، التي ازدادت أسعار تعرفتها بنسب ضئيلة ومتفاوتة تتراوح بين 29.6 % للشريحة الثالثة،         و44.9 % للرابعة، و44.1 % للخامسة، و46 % للسادسة، و40.7 % للشريحة السابعة، مع زيادة سعر الشريحة الثامنة الأعلى استهلاكاً، التي تفوق 10 آلاف كيلو واط شهرياً، بنسبة 36.7 % فقط. هذا في الوقت الذي رفع قرار مجلس الوزراء سعر الغاز الطبيعي (ايثان) بنسبة   133.3 % وأسعار البنزين (91 أكتين) بنسبة 66.7 %، و(95 أكتين) بنسبة 50 %، وسعر ديزل النقل بنسبة 80 %.

وعلماً بأن كافة الإحصائيات العالمية تؤكد أن تعرفة الكهرباء في المملكة تُعَدّ من أقل التعرفات في العالم، وذلك نتيجة للدعم السخي المتمثل في أسعار الوقود والقروض الحكومية الميسرة، إلا أن الشركة السعودية للكهرباء لم تستغل هذا الدعم للتقاعس والخلود للراحة، بل لجأت إلى ضغط مصاريفها وزيادة كفاءتها وترشيد أعمالها تقديراً منها لمساهمة الدولة وحرصاً منها على مصلحة المستهلك لكي لا يزيد ما يدفعه في المتوسط عن 11 هللة فقط لكل كيلوواط/ساعة من الكهرباء، وهو ما يقل بنسبة 60 % عن الأسعار العالمية.

وتأتي هذه الخطوات لقناعة شركة الكهرباء بأن غياب هذا الدعم كان سيؤدي حتماً إلى ارتفاع متوسط تكاليف توليد الكهرباء في المملكة إلى 80 هللة لكل كيلوواط/ساعة مقارنة بنحو 15.2 هللة حالياً، حيث تستخدم الشركة الغاز الطبيعي بنسبة 44 % في محطاتها الغازية، وبسعر محلي منخفض لكل مليون وحدة حرارية لا يزيد عن 2.81 ريال مقارنة بالسعر العالمي الذي يساوي 33.9 ريالا، أو تستخدم الزيت الخام بنسبة 32 % وبسعر محلي لا يزيد عن 2.7 ريال مقارنة بالسعر العالمي الذي يزيد عن 72.2 ريالا، أو الديزل بنسبة 13 % وبسعر محلي يساوي 2.5 ريال مقارنة بالسعر العالمي 81.26 ريالا، أو زيت الوقود الثقيل بنسبة 11 % وبسعر محلي يساوي 3.16 ريالات مقارنة بالسعر العالمي الذي يعادل 57.8 ريالا.

وعلى الرغم من الأحداث العالمية الراهنة لتراجع أسعار الطاقة وانحسار الوظائف وتناقص الموارد، إلا أن شركة الكهرباء نجحت في رفع قيمة أصولها بنهاية العام الماضي إلى 318 مليار ريال، وضاعفت إيراداتها السنوية إلى 38 مليار ريال، وحققت نسبة مميزة في سعودة الوظائف فاقت 87 % من إجمالي 35373 موظفا، ليتفانوا جميعاً في تقديم خدماتهم لحوالي 8.1 ملايين مشترك ويحققوا بنسبة نجاح تعادل 99.999 %.

واليوم نفتخر مع شركة الكهرباء لارتفاع طاقة التوليد من محطاتها إلى 65 جيجاوات، التي تساوي ضعف الطاقة المنتجة في مصر والسودان معاً، وثلاثة أضعاف مثيلاتها في دول المغرب العربي، وبنمو سنوي مقداره 7 %، لتخدم كافة القطاعات بنسبة 49.5 % للسكني، و18.8 % للصناعي و15.4 % للتجاري        و13 % للحكومي و3.3 %. وبهذا أصبحت هذه الشركة، التي تساهم الدولة فيها بنسبة 74.31 % وأرامكو السعودية بنسبة 6.91 %، صاحبة أكبر عدد من محطات التوليد في المنطقة العربية التي زادت عن 46 محطة، ومالكةً لأطول منظومة من الكابلات اللازمة لتوصيل الكهرباء لكافة المستهلكين، التي تزيد على 249,768 كيلومتراً من الكابلات الهوائية و245,221 كيلومتراً من الكابلات الأرضية، بينما وصلت قيمة المواد والمعدات التي أمنتها الشركة من المصانع الوطنية إلى 80 % من مشترياتها خلال العام الماضي، لتسهم هذه الخطوة في دعم مسيرة الاقتصاد الوطني وتنمية القيمة المضافة المحلية.

واليوم نشارك الشركة نجاح برنامجها للتحول الاستراتيجي المتسارع، الذي تسعى من خلاله لتحقيق النمو المطلوب والمحافظة على استمرارية إمداد الكهرباء بلا انقطاع، وإعادة هيكلة القطاع لمواجهة المنافسة القوية، وتأمين التمويل اللازم لزيادة أصولها وتنمية مواردها الذاتية.

واليوم نعتز باستثمارات الكهرباء السعودية في مجال البحث العلمي، التي أرست أكثر من 34 مشروعا بحثيا بالتعاون مع مراكز ومعاهد البحث العلمي بالمملكة، وأسست 3 كراسي بحثية في الجامعات السعودية، إضافةً لمشاركتها الفعالة في مشروع الربط الكهربائي الخليجي تمهيداً لإنشاء السوق الخليجية المشتركة لتجارة الطاقة الكهربائية، التي تنطلق أعمالها بحلول عام 2020، والتي من المتوقع أن تحقق وفورات مالية بقيمة 26 مليار دولار أميركي للدول الخليجية الأعضاء فيها.

في خضم الإحباط الاقتصادي المحيط بأسواقنا والانتقاد السلبي المتربص بمجتمعاتنا، دعونا اليوم نحتفل بنجاح الشركة السعودية للكهرباء، التي تكافح من أجل خدمتنا ورفاهيتنا على مدار الساعة.