ما بعد الهجوم على قصر المعاشيق الخاص بالرئاسة اليمنية بعدن يوم الخميس وإعلان تنظيم داعش تبنيه المسؤولية ثمة تساؤلات تحتاج الوقوف أمامها والتأمل في أبعادها من اتجاهات عديدة، وربط كل ذلك بما يحدث هناك من مشاهد يومية منذ دحر جماعات الحوثي وصالح منذ أشهر.

أول تلك التساؤلات يتعلق بالفتوى التي أصدرها مفتي الحوثيين بتكفير الرئيس هادي ووجوب التخلص منه وذلك قبل أيام من الحادثة، وهو ما في معناه هل بدأ الحوثيون تنفيذ تلك الفتوى عبر أياديهم المتعددة التي تتبدل حسب الحاجة؟.

سؤال آخر يصب في الاتجاه نفسه، من هو المستفيد الأول من الحادثة ومما يحدث في الجنوب بشكل عام؟ ومن يؤجج تلك الأحداث بصورة لم تحدث على مر تاريخ المحافظة التي كانت مزارا سياحيا للكثير من الخليجيين والعرب؟

من أين تأتي قذائف الموت المتعددة؟ وكيف يتحرك هؤلاء الانتحاريون وسط جملة من الإجراءات الأمنية المشددة التي سمعنا عنها من الجهات المسؤولة هناك؟ وكيف عجزت كل تلك الاحترازات عن إيقاف عمليات الاغتيالات اليومية، حتى وصلت رمز الدولة، وقبلها أطاحت بالمحافظ السابق الشهيد جعفر محمد سعد؟

أن يعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن العملية ففي هذا دلالة واضحة على الارتباط المباشر لتلك الجماعات بجماعات الحوثي التي دأبت على الدوام في توجيه تهم التطرف والإرهاب لخصومها في الداخل والخارج، وبررت قبل ذلك اجتياحها للمحافظات لقتال تلك الجماعات.

وإلى جانب الخلايا النائمة والصاحية تبقى الخيانات القبلية هاجسا آخر يعقد المشهد اليمني أكثر شمالا وجنوبا، وهذه حقيقة أخرى لا يجب أن نغض الطرف عنها، وأحتفظ بمعلومات دقيقة عن الخيانات التي أسقطت العديد من المناطق في قبضة المتمردين وبدء تمددهم جنوبا على مشارف محافظتي أبين ولحج.

تحملت حكومة خادم الحرمين الشريفين الكثير من العتبات من أجل نصرة الأشقاء في اليمن وسخرت كافة الإمكانيات لذلك، لكن الحقيقة المرة التي أفرزتها لنا الفترة الماضية الخذلان الكبير لبعض القيادات المحسوبة على الشرعية ودورها المشبوه في خلط أوراق المعركة في مختلف المناطق اليمنية.

 ما لم تتضافر كل الجهود من المكونات السياسية اليمنية الموالية للشرعية لغلق الطريق على الجماعات المتمردة في استثمار حالة الاختراق الأمني جنوب اليمن فإن المشهد القادم سيكون أكثر تعقيدا ومن يدري ماذا تخبئ الأيام.