انتشر مصطلح البوهيمية بفرنسا في القرن التاسع عشر، والأصل فيه منطقة بوهيميا في التشيك، وهو وصف للغجر الذين قدموا من شرق أوروبا، خاصة رومانيا والمجر وصربيا، ثم انتشروا في باقي الدول الأوروبية، وبحكم أسلوب ونمط حياة الغجر، والذي لا يهتم بجني المال مقابل حياة اللهو والرقص والموسيقى، تأثر كثير من الفنانين الأوروبيين، خاصة الفرنسيين بهذا النمط من الحياة.
أسلوب مشوق جديد يكسر كل الأعراف "أعيش كيفما أريد"، هذا الأسلوب غازل كثيرا من الفنانين والرسامين والمثقفين بفرنسا في ذلك الوقت.
مورس ضد الغجر كثير من الاضطهاد في أوروبا، فلم يكن لهم الحق في التملك والسكن، إضافة إلى أنهم اعتادوا حياة الترحال والتنقل، وكانوا منبوذين في أوروبا، وارتبط اسمهم بالسحر والدجل والشعوذة والكذب، لمجرد أنهم يعيشون حياتهم بطريقة وأسلوب مختلفين! لدرجة أن زعيما روسيا أصدر أمرا بقتل كل غجري فوق الـ18 عام 1725م، وفي ألمانيا قام هتلر بتعذيب وقتل وسجن الآلاف منهم.
ورغم ذلك، مازال الغجر يستمتعون بحياتهم ويحبون الموسيقى والرقص والغناء، ومتى ما وجدتهم ستجد كثيرا من الألوان المبهجة والمزركشة في ملابسهم ومساكنهم وأماكن تجمعهم.
انتقلت البوهيمية من تراث شعب محتقر في أوروبا إلى رواد الفن والنخب الثقافية في باقي الدول الأوروبية، وأصبح مصطلح "بوهيمي" يطلق لوصف أي شخص أو فنان أو كاتب يدعو إلى التفكير الحر المطلق غير المقيد، ويميل إلى العيش بأسلوب فوضوي غير مألوف، ولذلك هم لا يمتثلون بسلوكهم للأعراف والتقاليد، رغم أن الغجر لهم عاداتهم وتقاليدهم، وما زال كثير منهم محافظين عليها. العجيب أن سبب احتقار الغجر هو أسلوب حياتهم المختلف، رغم أن هذا الأسلوب لم يجعل تلك المجتمعات الأوروبية تحتقر فنانيها ومثقفيها الذين مارسوا الأسلوب البوهيمي نفسه.