يخطئ كثير من الناس عندما يقومون بربط ديون الأندية بمسألة تأخر تطبيق مشروع الخصخصة، معتقدين أن عدم تخصيص الأندية هو المتسبب في هذه الديون المتراكمة، وفي الحقيقة السبب الرئيسي يعود إلى سياسات الأندية الخاطئة التي نتج عنها هدر مالي كبير، إضافة إلى عدم القدرة على الموازنة بين الواردات والمصروفات السنوية للنادي، مع إهمال القاعدة والبنية التحتية المنتجة للمواهب والطاقات.
هناك دول طبقت مشروع الخصخصة في أنديتها الرياضية ومع هذا عانت بعض أنديتها مشكلات مالية وديونا وتهديدات بالإفلاس، فوجود الخصخصة لا يعني أن المال سيهطل على الأندية مثل المطر، ولا يعني قدوم رجال الأعمال والمستثمرين زرافات ووحدانا، ومعهم مصباح علاء الدين السحري لتوفير متطلبات النادي المالية، لأن تحقيق الأرباح في المنشأة الرياضية غير الحكومية يحتاج إلى سنوات طويلة من العمل والتسويق والدراسات المستقبلية طويلة المدى، فيما يتعلق بالجودة والجدوى ومدى الإقبال الجماهيري.
وبما أن النادي السعودي ما يزال كيانا حكوميا، والأندية الآن تعاني شح المواهب وندرة النجوم، وهو ما لمسناه واقعا في مشاركة المنتخب الأولمبي الأخيرة، وبعد أن طبق الاتحاد السعودي سياسة التشهير بالأندية المديونة، فإن الأندية الآن مجبرة على مراجعة حساباتها فيما يتعلق بإهمال القاعدة.
والفترة الشتوية لانتقالات اللاعبين الأخيرة شهدت عزوفا كبيرا في الاستقطابات المحلية، وهو دليل على أن مسؤولي الأندية أدركوا أخطاءهم، وعرفوا جيدا تبعات الهياط والبهرجة في مسألة المزايدة في عقود اللاعبين.
والآن، واضح أن الأندية ملزمة بالصناعة والإنتاج والاعتماد الكلي على الذات والفكر، وستضطر الأندية إلى البحث والاكتشاف وصقل المواهب، والذي سينتج عنه بالضرورة إغراق سوق اللاعبين بالمواهب والنجوم، وسيلازمه طبعا هبوط حاد في أسعار اللاعبين مع ارتفاع في جودة المخرجات.