عبير خالد


لا أعرف تحت أي ظروف قال سارتر كلمته الشهيرة "الآخر هو الجحيم"، وماذا كان يقصد بها، لكني أراها تُطبّق فعليا على اللاجئين العرب القاصدين أوروبا اليوم.

بكل الأسف، فإن الإعلام الأوروبي يصوّر اللاجئين كما لو أنهم أعداء للتنمية والاقتصاد والنهضة، بل ويركز على فقرهم وحاجتهم وأحيانا تطرفهم لمقاصد متعددة.

يشار دائما إلى أن الحكومات الأوروبية لا تنزعج من اللاجئين ولا الشعوب كما ينزعج الإعلام، وذلك يعود إلى الاحتكار الصحفي في أوروبا، إذ تعود ملكية أشهر الصحف في كل دولة لشخص واحد أو اثنين، مما يجعل من المادة المتداولة بين العامة موجهة في مسار محدد، بعضها ليست أكثر من آراء وقناعات شخصية مشحونة بالبغض والعداء للآخر.

لكن في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية قبل أيام، يحوي في مقدمته صورة للاجئين سوريين يكسرون حواجز اليونان الحدودية كي يدخلوا أوروبا قيل فيه: "ماذا ترى في هذه الصورة؟ ألا تلمح ظلامية مخاوف الأوروبيين؟!"، وبذلك أوضحت "الجارديان" موقفها في هذه القضية، واعترافها بحق اللاجئين الإنساني والقانوني في الدخول، بل ونقدت "الجارديان" تعامل دول أوروبا مع اللاجئين،

ووصفته بغير الجدي.

يذكر أن نقد السياسة الأوروبية لم يكن من أجل اللاجئين العرب فحسب، إذ إنه عبارة عن تراكم من التصرفات غير المبررة إزاء اللاجئين وطالبي الإقامة من العرب وغير العرب. فمثلا، عام 1943 أرسلت اليونان قطارا محملا باللاجئين، حوالى 50 ألف لاجئ إلى داخل أوروبا وتحديدا بولندا. ولكن، لأسباب تعود إلى الإهمال لم يصل إلى الوجهة سوى ألفي شخص. بمعنى أنه في الطريق من اليونان إلى بولندا مات 48000 لاجئ يوناني.

الخوف من الآخر، سواء كان الآخر هذا يهوديا أو مسلما أو غيره، هو طبع أوروبي قديم ينتقده كثير من الأوروبيين، ولكن السؤال الذي يستحق منا كعرب الوقوف عنده هو، إذا كان اليهود هم "الآخر" بالنسبة لأوروبا في الأربعينات والخمسينات، والسود هم "الآخر" في الستينات والسبعينات، هل اللاجئون العرب هم "الآخر" في هذا العصر؟