هل هو استفزاز لمشاعر المسلمين، أم هي ظاهرة مرضية مراوغة، ومؤشرات عقلانية بليدة، وارتفاع لمنسوب العبث بالثوابت القيمية، واختلال في معايير الفهم والاستقراء، والارتهان لخطاب مضطرب ومحتقن وساذج؟ حين سعت بعض الدوائر المجهولة والملتبسة والتضليلية والمفتقدة لكل الممكنات العلمية والعملية إلى ترشيح (سيد القمني) لجائزة الملك فيصل العالمية في مجال (الدراسات الإسلامية). القمني بكل نزوعه وحمولاته ومواضعاته الساعية إلى عزل الأرض عن السماء، وتعميق (الأرضنة) بكل موجوداتها وتمثلاتها وخطاباتها المنفلتة من المقدس والروحي. القمني المطالب بحرية (الإلحاد) في المجتمع لخلق مجتمع صحي، فالإيمان كما يقول مسألة (قلبية)، المطالب بالتعامل مع القرآن الكريم (كنص تاريخي قابل للنقد ) ووصف الفتوحات الإسلامية لمصر بأنها (احتلال استيطاني باسم الدين). تصورات القمني تقوم على الضلالات والتيه والارتباك الفكري المعتوه، والاستدلالات التاريخية المهيضة وتكرار سفه الملحدين. يقول الباحث محمد جلال القصاص: "سيد القمني لا يرى قداسة لشيء في ديننا، وعنده المخلوق وجد قبل الخالق، والإسلام ضرب من إفرازات الجاهلية". لم يتورع القمني عن تجريح ثوابت الإسلام والطعن فيه، فقد طالب بولاء المصريين إلى فرعون وليس إلى أنبياء الله، كما طالب بإباحة (الخمر) لأن منعها سيخلق منافقين يشربونها في البيوت، وذلك تعطيل لإرادة الله في الحساب. القمني بلطجي فكري ودجال زائف، حاول البعض تنصيع صورته وتسويقها على أنه كاتب مصري وباحث متخصص في فلسفة الأديان، والتاريخ الإسلامي وعلم الاجتماع الديني، ولكن المتتبع لنتاجاته وكتبه يدرك أن رصيده المعرفي متهالك وأجوف وبائس وعاجز، فالرجل يحيا داخل خرابه النفسي وضموره العقلي، وما زال يمارس لغوه وصراخه بشراسة ضد دين الله، ويصفه في كل مصوغاته السريالية ومتاهاته الضحلة بـ(الإسلام الصحراوي) وهذا كما يبدو سر غضبه وبؤرة توتره، وتهافته المعتم والمحزن والكئيب. الغرائبية والكارثية أن هناك من يراه مفكرا مستنيرا، يؤسس لرؤية جديدة في التراث الإسلامي، وبالذات بعض القوى اليسارية التي ترى أن معظم أعماله تناولت منطقة شائكة في التاريخ الإسلامي من وجهة نظر (ماركسية)، بينما هو يعتبر نفسه كما يقول إنسانا يتبع فكر (المعتزلة). هل يعلم القمني ومريدوه ما هي أهداف جائزة الملك فيصل العالمية في مجال الدراسات الإسلامية التي رشحوه لنيلها والعياذ بالله إنها: العمل على خدمة الإسلام والمسلمين في المجالات العلمية والفكرية، وتحقيق النفع العام للمسلمين في حاضرهم ومستقبلهم، وتأصيل المثل والقيم الإسلامية في الحياة الاجتماعية وإبرازها للعالم، والإسهام في تقدم البشرية وإثراء الفكر الإنساني، إنها أهداف متعالية ونبيلة لا يرقى لها فكر القمني المحموم والآفل والمعطوب، بل تطيح بكل غواياته وخيباته وتورماته، وسقطاته المشؤومة والمبتذلة.