لظرف شخصي خاص، اعتذرت عن الدعوة الكريمة لحضور ورشة عمل عن دمج وزارتي التعليم صباح الغد بمدينة الرياض. طلب منسق الورشة كتابة رأيي حال اعتذاري عن الحضور، وها أنا ذا أكتبه في مقال عمومي على رؤوس الأشهاد.

أولا: وفي العنوان الرفيع الأعلى، فأنا لا أجد غضاضة بالمطلق في تقليص حجم الحكومة المركزية ودمج الوزارات بشرط تحقيق ما أقترحه في بقية المقال. وخذوا في المثال: أميركا تعمل بمجرد ست وزارات جوهرية يشترط فيها القانون موافقة الكونجرس على تعيين الوزير. على النقيض، وفيما بحثت مساء البارحة، تعمل دولة مثل (بنجلادش) بـ41 وزيرا وحولها الشقيقة مصر التي يجتمع فيها 37 وزيرا على طاولة واحدة.

ثانيا: نعم، نحن دمجنا وزارتي التعليم العالي والعام، ولكننا بكل صراحة ومكاشفة لم نفكك هيكل البيروقراطية في كل الصلاحيات الممنوحة لمعالي الوزير. نحن أسندنا لوزير واحد إدارة أكثر من نصف موظفي القطاع الحكومي العام، ولكن بذات الصلاحيات السابقة: لا يمكن ابتعاث معيد جامعة أو تعيين أستاذ جامعي جديد إلا بختم وتوقيع معالي الوزير، ولا يمكن نقل معلم أو معلمة من سراة عبيدة إلى تثليث إلا بختمه وتوقيعه.

ومن الواضح تماما بعد عام من التجربة أن الدمج أوقف حركة التعليم لأننا حولنا معالي الوزير إلى مجرد آلة توقيع هائلة تستهلك كل ساعات دوامه اليومي، وكل هذا لأننا ربطنا كل الصلاحيات تحت رهن توقيع معالي الوزير. أعرف مثلا أن المئات من الملفات الضخمة لمجالس الجامعات تنتظر قراءة معالي الوزير ثم التوقيع من بعدها على آلاف القرارات في هذه الملفات المتراكمة التي تحتاج اليوم إلى أسابيع، وحدها، من وقت معالي الوزير.

والخلاصة أنني مع قرار الدمج، ولكن بتخليص معالي الوزير ووزارته من العبء الثقيل الذي يجعل من معاليه مجرد آلة توقيع بيروقراطية مركزية، بدءا من نقل معلمة من جبال الحشر إلى بيش أو نقل أستاذ جامعة من (الملك سعود إلى الملك فيصل). أنا مع الدمج، ولكن بشرط تحويل الوزارة إلى مجرد إدارة نخبوية لرسم سياسات التعليم وبرامجه المختلفة، ثم تتخلص من كل صلاحياتها المركزية التي أرهقتها بتفاصيل التفاصيل.

أنا مع الدمج، ولكن بشرط إعطاء مديري الجامعات كل صلاحية القرارات التي تخص جامعاتهم، فهؤلاء مؤتمنون تم اختيارهم بناء على معايير الكفاءة والثقة.

أنا مع الدمج، ولكن -وهنا سأكتب الاقتراح الأخير- أن يتم تقسيم الخارطة الوطنية التعليمية إلى خمس مناطق، ثم يعطى فيها مسؤول كل منطقة كل الصلاحيات الإدارية التي تنتظر أشهرا طويلة توقيع معالي الوزير. أنا مع الدمج، ولكن بشرط تفكيك (الجهاز المركزي للتوقيع)، لأنني لا أؤمن بإسناد نصف موظفي الحكومة إلى مجرد إصبعين في توقيع وزير واحد.