انجرف كثير من الإعلاميين ومسؤولي الأندية في خطابهم الرياضي خلف ثقافة الجماهير، وجنحوا في طرحهم إلى التمسُح في الجماهير ودغدغة عواطفها.
رأينا كيف هبط المسؤول والإعلامي الرياضي، فصار يحاكي بعض الجماهير في طريقة طرحها ويتبنى أفكارها في محاولة لكسب تأييدها وتعاطفها، فلا يخاطب هذه الجماهير إلا بما تحب سماعه ليكسب شعبية بينهم.
فلا يمانع المسؤول أو الإعلامي أن يخرج في قناة فضائية، ويفتعل خصومة مع أحدهم ويبارزه كلاميا، بحجة أنه يدافع عن الكيان ويحامي عن حقوقه المسلوبة ويردع المتطاولين على مكانته التاريخية، بينما الواقع هو عكس ما يطرحه في خطابه المعسول.
ركوب موجة الجماهير يأتي غالبا بعد مطالبات جماهيرية بالظهور والدفاع والرد القاسي، أوقع المسؤول والإعلامي في حبائل الحوار الهابط، واستخدام الألفاظ الشوارعية والصفات الجارحة التي لا تتفق مع الرسالة السامية، والمهام الجسام التي يجب أن يقدمها الرياضيون من إعلاميين وإداريين وفنيين.
انقلبت الساحة الرياضية لفضاء من المهاترات والخصومات وكأنها ساحة لصراع الديكة، أصبح فيها رئيس النادي والإعلامي الرياضي هما النجوم السوبر ستار، ونجوم الشباك الذين تتهافت عليهم الجماهير، وتستقطبهم وسائل الإعلام، بينما صارت أدوار اللاعب هامشية لا يمارس فيها دور البطولة.
ففي الرياضة الأوروبية تتابع الجماهير نجوم الفريق، وتهتم بشؤونهم، ولكنهم لا يهتمون إطلاقا بالرئيس والإعلامي، ولا يأبهون لظهورهم الإعلامي كثيرا، بعكس ما هو حاصل في رياضتنا المحلية.
فهذا الانقلاب في المنظومة الرياضية، والتشوه الكبير في المفاهيم، تعود أسبابه إلى وجود خلل في تسلسل المهام المنوطة بالمسؤول الرياضي، فصار يلعب أدوار الوصولي والانتهازي، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأضواء والشهرة، والظهور بمظهر البطل المنقذ لجموع الجماهير.