أظن في بعض الدوائر الحكومية أكثر من صاحب قرار، ومن يأتي إلى مقر العمل أولا، له الحق في إصدار ما يشاء من أنظمة وتعليمات، حتى وإن كانت تمحو ما سبقها، لتصبح قراراته هي النافذة!.

هذا هو التفسير الوحيد الذي أملكه للقرارات المتناقضة في بعض الإدارات الحكومية. هذا إذا أحسنا الظن، واستثنينا مسألة التخبط الإداري والارتجالية في القرارات!.

خذ مثلا قرارات صندوق التنمية العقارية، فيما يتعلق بالقروض العقارية التي يمنحها للمواطنين. إذ كانت المدة المحددة لمن صدرت الموافقة على إقراضه لا تتجاوز عامين، يلزم خلالها أصحاب القروض بإنهاء إجراءات استلام قروضهم.

حتى عام 2011، عندما صدر قرار لاقى ترحيبا وارتياحا من المواطنين، يقضي بإلغاء السقف الزمني المحدد بعامين كموعد أقصى لمراجعة المواطنين المدرجة أسماؤهم في أحقية الحصول على قروض البناء، مما يتيح للمستفيدين الحصول على قروضهم في أي وقت شاؤوا.

لكن لم تدم الفرحة طويلا، إذ تبع ذلك بفترة وجيزة قرار آخر ألغى سابقه، وحدد مدة الاستفادة من القرض بعام واحد من تاريخ صدور الموافقة، وخلاله على صاحب القرض مراجعة صندوق التنمية العقارية لتعليق الموافقة إذا لم يكن جاهزا للاستفادة منه، أو يقوم الصندوق تلقائيا بإيقاف طلب من لم يراجعه لاستلام القرض أو تعليقه.

وقبل نحو 9 أشهر صدر قرار بتمديد مهلة السنة الممنوحة لجميع المواطنين إلى سنة إضافية، تنتهي في 25 شوال المقبل، وقبل هذا الموعد يُخيّر صاحب القرض كذلك بين استلامه أو طلب تعليقه أو إيقافه.

مثل هذه القرارات المتناقضة، وخلال فترة زمنية وجيزة، تربك حسابات المواطنين، إذ يبني المواطن على أحدها أمورا والتزامات أخرى، ثم يفاجأ بقرار آخر ينقض سابقه.

إضافة إلى ذلك، ربما تؤدي إلى فقدان الناس ثقتهم بالجهاز الحكومي والقائمين عليه، ويعطي انطباعا بأن المسألة لا تخرج عن "مزاج" مسؤول ما، وبعيدة كل البعد عن العمل المؤسساتي المنظم.

حقيقة، لا أعلم عن مصير القروض العقارية المعلقة بعد انتهاء المهلة الأخيرة، لأن ذلك يتوقف على شخصية المسؤول الذي سيأتي باكرا صبيحة 25 شوال القادم!.