الحقيقة أن قطاع المعارض والمؤتمرات خلال الفترة الاقتصادية القادمة ستكون له أهمية كبيرة لما يمثله من رافد اقتصادي جيد إذا ما أحسن استغلاله. فالمؤتمرات وما يشابهها من فعاليات كالندوات والمنتديات والملتقيات والاجتماعات والمعارض والمهرجانات كما يقال تعتبر إحدى الأدوات الديناميكية المؤثرة على كل الأنشطة الاقتصادية، وتعرف اقتصاديا بما يسمى "سياحة الأعمال"، وهي وسيله فعالة وقوية لنشر الثقافة والتوعية وبناء القدرات والاطلاع على المعارف والعلوم والمنتجات والابتكارات الجديدة. وبالإضافة إلى ذلك فالمؤتمرات والمعارض لديها القدرة على التأثير في المستوى الاقتصادي الجزئي والكلي. فالجزئي من حيث تعظيم العائد الاقتصادي على بعض الجهات ذات المنفعة غير المباشرة مثل الفنادق والمطاعم ووكالات السفر والهدايا وشركات الاتصالات؛ مما يوفر سيولة نقدية وفرصا وظيفية لأبناء الوطن. ويتمثل الكلي في جذب أصحاب الفكر والعلم والمتخصصين وكبرى الشركات إلى المنطقة وبالتالي نشر معرفة وعلوم جديدة في المنطقة.

إن المملكة تتمتع بخصائص كثيرة تساعدها على أن تكون مركزا للمعارض والمؤتمرات كموقعها الاستراتيجي في الخليج ومركز العالم الإسلامي واتساع السوق المحلي وتمكنها في قطاعات اقتصادية متخصصة مثل: الصناعات النفطية، ومعالجة المياه، والتمور، وتقنية المعلومات والاتصالات وغيرها.

والحقيقة أن البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات قد بذل الكثير لتحسين بيئة هذه الصناعة وصارت الوعود تتحقق شيئا فشيئا. إن إشراف الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار رئيس اللجنة الإشرافية للبرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات، له دور كبير في تنمية وتطوير قطاع المعارض والمؤتمرات، حيث لمسنا نحن العاملين فيه القفزات الكبيرة، والمتابع لإنجازاته يستطيع أن يلامس الفرق سواء في التنظيمات الجديدة أو التوجهات لجعل هذا القطاع في المملكة أكثر إنتاجية وفعالية خلال السنوات القليلة القادمة. ورغم هذه الإنجازات إلا أن أصحاب الأعمال في هذا القطاع لا زالوا يطمحون إلى دور الوزارات والجهات الأخرى ذات العلاقة في أن تعيره المزيد من الانتباه ودعم الاحترافية فيه. لا يزالون يطمحون في الأفضل في القاعات ومراكز ومعارض ومؤتمرات مناسبة ومجهزة، وفي تسهيل إجراءات التأشيرات للمتحدثين والعارضين والحضور، وفي آليات أفضل للجمارك الخاصة بالمعارض، وفي الكوادر البشرية المدربة لهذا المجال، وفي إيمان القطاعات الحكومية بأهمية القطاع ودعمها للشركات العاملة فيه من خلال تنفيذ فعالياتها، وفي تعاون الغرف التجارية وباحترافية مع الشركات العاملة في هذا القطاع ودعمها للنمو، وفي حث الصناديق المالية لتقديم التسهيلات والقروض المالية لمساعدة القطاع على النمو، وفي تبني البرنامج الوطني آليات وتقنيات تساعد على تسويق معارض ومؤتمرات وفعاليات.

إن القطاع قد لا يكون حديثا وما يمر به من نهضة حالية يحتاج إلى الدعم الكبير والانتباه له كي ينمو ويكون واحدا من أهم روافد الاقتصاد السعودي القادم.