لم تعد الطقطقة في حاجة إلى تعريف، فنحن فعلنا معها -وبهدف الانتشار- ما لم نفعله مع أي منجز آخر في حياتنا، ولهذا فإنه من التقليدية أن أشرع هنا بتوطئة عن المعنى اللفظي لهذه الكلمة، بيد أن فكرة سبر أغوار البعد التاريخي لها مهم للغاية.

كانت الطقطقة حاضرة في كثير من تفاصيل حياتنا العامة، والدليل أننا أنتجنا مسلسلا بحجم طاش ما طاش، والذي أعده شخصيا النواة التي انطلقت منها الطقطقة التي كشفت للآخرين جانبا آخر لابن الصحراء الذي كانوا لا يرون فيه إلا ذلك المتجهم المتعجرف الذي انتقل بسرعة البرق من الخيمة إلى القصر الفاره دون أن يتحرر من جمود بيئته.

ورغم تلك الجهود والانقسامات التي طرأت حول طاش، إلا أنه نجح نسبيا في التعريف بروح الفكاهة والسخرية التي يتمتع بها السعودي، فضلا عن نجاحه في التأصيل للدراما السعودية الساخرة . هكذا استمرت الطقطقة وهي تشكل جزءا مهما من حياتنا وحراكنا الاجتماعي حتى جاء "تويتر" الذي خطف لب الشارع السعودي، وأضحى مرتعا خصبا للطقطقة، بل إن المفردة "طقطقة" خرجت من رحمه لتصبح "ثيمة" قد تزيد من عداد التابعين للمبدع فيها، خصوصا بعد أن تجاوزت معانيها البريئة إلى ما هو أبعد وأخطر.

ولأنها -أي الطقطقة- نشأت لدينا لأسباب غير ملحة إلا لأنها صورة من صور الرفاهية والفراغ، أو ردة فعل على المخطوطات الذهنية التي يحملها الآخر عن ابن الصحراء، أو رغبة في الانعتاق من الفقاعة الاجتماعية التي يقطن الفرد داخلها دون القدرة على المساس بها خشية من الجديد الذي ربما يواجهه خارجها عكس ما حدث سابقا في دول عربية مجاورة، إذ نشأت النكتة كردود أفعال على حقب زمنية لها تاريخها المعروف، وانتهت بانتهاء هذه الحقب. فقد كان تأثيرها على حياتنا أقوى مما يتوقعه البعض، إذ إنها تسببت لنا في اتساع دائرة الهامشي، وأضحت كل الأمور قابلة للتسطيح و"السخفنة" من السخافة، كما أنها أذابت الأولويات وأصبح نجومها قادة رأي يتم طلبهم لإحياء الحفلات والمهرجانات، في مناخ احتفالي خال من أي شجب أو استنكار عدا بعض المحاولات الخجولة التي تجلت في مقالات صحفية لا يعبأ بها أحد

-تماما- كالمقال هذا.

ختاما، فإنه لا شيء مما سبق يثير الخوف على المجتمع كنجومية "المطقطقين" لا لشيء إلا لأن النجومية تفضي بالضرورة إلى الحشود، وبالتالي اتساع الدائرة، وتحول الفكرة إلى منهج حياة وطموح، سنحتاج لأجل التخلص منه الكثير والكثير من الوقت والجهد.