من المعروف أنه بعد فترة وجيزة من الحرب العالمية الثانية، وبإشراف مباشر من حلف شمال الأطلسي "الناتو"، تم تنظيم شبكة واسعة من الجيوش السرية في أوروبا، مُكلفة بتوفير المقاومة والدعم الاستخباراتي في حالة وقوع غزو سوفيتي، وعُرفت هذه الجيوش بالاسم الإيطالي "جلاديو"، لأنها أسست للمرة الأولى في إيطاليا.
وفي الستينات من القرن الماضي، ارتبطت هذه الجيوش أو المنظمات السرية بعمليات الإرهاب وزعزعة الاستقرار في أوروبا الشرقية، فيما عُرف باسم "إستراتيجية التوتر" التي ترصد كيف يستغل حلف الناتو مثل تلك الجيوش السرية لزعزعة الأمن والاستقرار في الدول المعادية للحلف، والتمهيد للتدخل العسكري في هذه البلاد.
وما يزال حلف الناتو يستخدم هذه الإستراتيجية التي يمكن رؤية آثارها بوضوح في كثير من الأحداث بدءا بما يسمى الحرب على الإرهاب إلى هجمات شارلي إيبدو.
وخلال الحرب الباردة كانت جيوش جلاديو مهتمة بمحاربة الشيوعية، ولكن مع سقوط الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينات، تغيرت أهداف هذه الجيوش السرية، فالصين كانت دولة شيوعية ولكن بالاسم فقط، بينما هي في حقيقة الأمر تطبق سياسات رأسمالية، كما لا يوجد أحد مهتم بمحاربة كوريا الجنوبية، بينما تشهد بقية الدول الشيوعية في أميركا اللاتينية عملية انتقالية حقيقية.
بالتالي لم تعُد الشيوعية تمثل أي تهديد، ولم يبق مصدر لإشعال الحروب سوى السيطرة على مصادر البترول والغاز في الدول الإسلامية.
وعمل الناتو على استغلال التنظيمات الإرهابية التي رفعت شارة الإسلام لتبرير التدخلات العسكرية في دول مثل العراق، بينما تدعم المخابرات الغربية عددا من المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط، للقيام بعمليات إرهابية والمساعدة في إشعال الخوف بين المواطنين الأوروبيين والأميركيين من المسلمين.
ومن أساليب الناتو في زعزعة الاستقرار، هو خلق المظاهرات في الميادين العامة، ثم إطلاق النار وقتل عدد من المتظاهرين لإلقاء اللوم على الحكومة بهدف إسقاطها، ولقد اتبع الناتو هذه الإستراتيجية في أوكرانيا في مظاهرات 21 فبراير 2014، إذ أكدت التحقيقات أن القناصة قتلوا المتظاهرين والشرطة، الأمر الذي يطرح سؤالا مهما وهو: ما الذي يدفع رئيس الدولة لاستخدام قناصة؟
إن أحداث 11 سبتمبر لا تختلف كثيرا عن هجمات شارلي إيبدو، فتشير الشكوك التي تحيط بهذه الهجمات إلى أن الهدف الرئيسي منها، كان إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام ووصف المسلمين بأنهم إما إرهابيون ومتطرفون أو حكام ديكتاتوريون يمتلكون أسلحة دمار شامل. كل هذا من أجل التمهيد لتدخل الناتو إلى العالم الإسلامي.
وفيما يتعلق بأحداث 11 سبتمبر، المعروف أن هناك طائرتين أسقطتا برجي التجارة العالميين، لكن لا أحد يبرر لماذا سقط مبنى ثالث وهو مركز التجارة العالمي.
وبما أن السلطات الأميركية أشارت إلى أن سقوط البرجين أدى إلى اشتعال النار في المبنى الثالث، وهو الأمر الذي تسبب في سقوطه، فقد توجهت بسؤال لكثير من خبراء المباني والهندسة عن ذلك، فأكدوا لي استحالة سقوط مبنى ضخم مثل مركز التجارة العالمي بسبب حريق.
بالطبع، إن مثل هذه الأخطاء تلقي بظلال من الشك حول دور المخابرات الغربية والناتو في تأسيس المنظمات الإرهابية في العالم الإسلامي، واستخدامها لإثارة الرعب والقلق الغربي، تمهيدا لتدخل الناتو في الشرق الأوسط.