بدور الكليب


بدأت السنة الجديدة وأنا على مشارف رحلة جديدة في حياتي، فبعد مرور عام من تخرجي خلعت عن نفسي رداء كلمة "عاطلة" وغلفتها بالثوب الجديد "موظفة"، لم يكن يسيراً على نفسي أن أقوم بعمل لا أجد نفسي فيه، لقد قبلت أن أكون على مشارف هذه الوظيفة في الوقت الذي كنت أعلم فيه بأنها لا تناسبني أو بأن قدراتي قد لا تتماشى مع سياسة هذا العمل!

لقد بدأ الأمر مريراً بالنسبة لي، ذهبت في اليوم الأول بكم هائل من التساؤلات في رأسي وحالة ذهول، كيف قبلت بهذا الأمر، وكيف لي أن أقوم بعمل لا أفقه فيه شيئاً!

ظننت حينها بأن الإنسان لا يمكنه أن يعانق النجاح إلا في أماكن محدودة. كانت فكرة التكيف مع الوضع الراهن غير مقبولة إلى نفسي على الإطلاق، إذ كيف للمرء أن يحارب وحيداً في ساحةٍ ليست له، ويرتدي ثوباً لا يلائمه، أعمل في مهنة اخترتها لنفسي ظناً مني بأن طبيعة العمل بها ستكون كما تراها عيني، لكن المفاجأة بأن طبيعة العمل كانت كما تراها عين العمل ذاته!

دَب القلق في نفسي خوفاً من أن أكون بصورة ذلك الشخص المهزوم الذي لم يخسر شيئاً سوى نفسه، الاستمرار في هذا المحيط كان أمراً عميقاً بالنسبة لي، والشعور بالخوف من الخسارة والفشل من جراء هذا العمل كان مهلكاً أكثر!

على يسار مدخل مقر العمل، كان هنالك مكتب أسود ومن خلفه شخص أبيض، بيضاء بقلبها وبنقاء روحها، عندما نظرت إلي في أيامي الأولى المظلمة في العمل مدت يديها إلي وأضاءت لي الطريق بشموعها التي كانت تشعلها في الأرجاء للجميع.

لم أنظر لشخص مثلها يعمل بكم هائل من الشغف في عمله، تقع المهام بين يديها ولا ترفع رأسها عنها إلا حينما تنهيها على أكمل وجه، لا تعرف الانتظار، فهي لا تعلمنا إلا سرعة الإنجاز، لا تعرف الكلل والملل فهي لم تعلمنا إلا حب العمل والإخلاص به.

لم أكن أتخيل بأن النجاح قد يكون معدياً إلا حينما نظرت إلى نجاحاتها، لقد كان لنجاحها وشغفها بعملها محفزاً كبير للجميع بأن يعملوا كثيراً ويتكيفوا في أماكنهم أكثر، لقد علمتني عدوى نجاحها بأن النجاح سيأتيك مضاعفاً ومستمراً عندما تذهب إليه بنفسك، علمتني قيمة حقيقة بأنك إن أحببت عملك فإنه حتماً سيحبك.. وإن لم تحب عملك فإنه سيصبح قاسياً عليك كثيراً !

شكراً رشا القحطاني لتلك العدوى المفيدة التي ألهبتِ بها أرواحنا.