الوطن ليس قطعة جغرافية، بل مساحة روحية كبرى لا حد لها في ذاكرة الشعراء، فترصد عيونهم عبر قوافيهم ملامحه وترى ما لا يراه غيرهم من مواطن جماله لأنه هويتهم، وتتعلق أرواحهم بتفاصيله، ويرصدون بقوافيهم أفراحه وأحزانه، وهذا يؤكد ويدلل على التأثير الكبير لسلطة المكان في حياتهم.

في محاكاته ونجواه لوطنه اتكأ الشاعر عبد الرحمن لطفي على "ياء النداء"، فتارة يصرخ يا شام، وتارة أخرى يا وطنا، في ديوانه "نخبُ رأس المعُتَصِم" الصادر عن أدبي الباحة 2015 يجاهر مفاخرا باعتزازه بلغة الضاد وانتسابه للشآم".

للشام أُنسَبُ إن أردتُ تفاخراً"

والضَّادُ تَحكُمُ أصغَرَي وبناني"

يبث الشاعر لطفي شكوى غربة جسده، لكن روحه وعيون قوافيه هناك في بلاده، تدوّن عشقه الحقيقي لها.

"ضيعتُ عُمري بعداً عنك يا شامُ

فالحلمُ دونكِ أضغاثٌ وأوهامُ"

وفي قصيدة أخرى يعلن عشقه الصريح للشام قائلاً:

"يا شامُ إنِّي في هواكِ مُتَيمُ

فَتَكلّمي ما شئت عنّي..خَبِّري".

ويصور الشاعر في قصيدة "شرُّ البليّة" تبدّل قيم وسلوك البعض جريا خلف المكاسب الآنية:

"فزمانُنا زَمَنٌ تَقزّمَ صِدقهُ

وتلوَّنت في خِدرِها الحرباء".

ديوانه ضم 35 قصيدة، تنوعت بين الكلاسيكية والحديثة، رسمت مواجع وآلام الناس في وطنه، وما حل ببلده من نوائب، وحاكى الشاعر أكثر من قصيدة لعدد من الشعراء.