يمثل الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الجيل السعودي الشاب في إدارة الحكم، إذ اكتسب صيتا واسعا على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، واختارته مجلة السياسة الخارجية الأميركية "فورين بوليسي" ضمن القادة الأكثر تأثيرا في صناعة القرار في العالم، من بين 100 شخصية عالمية.
والأمير محمد بن سلمان، كونه يمثل شريحة الشباب التي تقدر بـ70% من السعوديين، يتمنى أن يرى السعودية دولة ذات مكانة قوية جدا في العالم، لا تعتمد على النفط في ظل نمو اقتصادي مطّرد، تكون إضافة مهمة للعالم، وتسهم في إنتاجيته، وتواجه العقبات والتحديات.
يتمنى أن يرى السعودية دولة ذات قوانين شفافة، تحقق أحلام السعوديين وطموحاتهم، دولة تضمن مشاركة الجميع في صنع القرار، مؤكدا أن حلمه كرجل شاب في السعودية، وحلم كثير من الشباب السعوديين كذلك "هو أن أتنافس معهم ومع أحلامهم، وأن يتنافسوا مع أحلامي لخلق سعودية أفضل".
جاءت هذه الكلمات في الرابع من يناير، مطلع هذا العام، حين تحدث الأمير محمد بن سلمان بشفافية لصحيفة "ذا إيكونوميست" البريطانية خمس ساعات، أجاب فيها عما يتم تداوله سواء في المجالس السعودية، أو وسائل الإعلام العالمية، أو وسائط التواصل الاجتماعي.
في هذه المقالة، سنركز على الإضاءات التي تهم الداخل السعودي في الحوار. فمن أبرز ما ورد في حديث الأمير محمد بن سلمان، تأكيده أن المملكة لا تسعى إلى التصعيد مع إيران، وأن احتمالية نشوب حرب بين البلدين "أمر لا نتوقعه مطلقا، ومن يدفع بهذا الاتجاه فهو ليس في كامل قواه العقلية".
وبالنسبة لعملية "عاصفة الحزم" في اليمن، أوضح أن الجهود منصبة على إيجاد حل سياسي، مع عدم السماح للميليشيات بالتوسع على الأرض.
من جانب آخر، أكد الأمير محمد بن سلمان، أنه ليس مهندس العملية اليمنية، وقال: "وليس لهذا علاقة بكوني أصبحت وزيرا للدفاع"، موضحا أن القرار هو قرار مؤسسات الدولة: وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع والاستخبارات، ومجلس الوزراء، ومجلس الشؤون السياسية والأمنية، ثم تسلم جميع التوصيات إلى الملك الذي يقرر اعتمادها، وأن عمل وزير الدفاع هو تنفيذ ما يأمر به الملك.
وعن الوضع الاقتصادي المحلي، بصفته رئيسا للمجلس الاقتصادي والتنمية، أكد الأمير محمد بن سلمان، أن السعودية أبعد ما تكون عن مواجهة أي أزمة اقتصادية تشبه ما مررنا به في الثمانينات والتسعينات، إذ توجد برامج واضحة للسنوات الخمس المقبلة، والديون الحكومية لا تمثل سوى 5% مقارنة مع الناتج المحلي، وأن الضرائب والرسوم المزمع فرضها ليست على دخل الفرد والثروة إنما هي مدعومة من المواطن، وأن عائدات المملكة غير النفطية ستصل إلى 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة، وسيتم خصخصة قطاع الرعاية الصحية، والتعليم، وبعض القطاعات العسكرية كالمصانع وبعض الشركات المملوكة للدولة.
قال إنه شخصيا متحمس لبيع بعض أسهم شركة "أرامكو السعودية"، وإن رفع أسعار الوقود هو بهدف الوصول إلى أسواق الطاقة المفتوحة، وإن دعم ذوي الدخل المحدود ببرامج أخرى غير خفض أسعار الطاقة.
وحول جلب الاستثمارات أجاب الأمير محمد بالقول: نحن نحاول أن نكون متفائلين في بعض الأجزاء، ومحافظين في بعضها الآخر، والاستثمارات نحاول جلبها من مصادر كثيرة، المستثمر السعودي، والأموال المملوكة للدولة، وصناديق دول مجلس التعاون الخليجي، والصناديق الدولية، مؤكدا أن لدى المملكة فرصا كثيرة لخلق وظائف عمل في القطاع الخاص، ولا يتوقع أن تزداد البطالة في السنوات القادمة، وإن لزم الأمر سيتم اللجوء إلى 10 ملايين فرصة عمل في القطاع الخاص، خلال برنامج السعودة.
في الشق الاجتماعي من الحوار، أكد الأمير محمد بن سلمان، أنه من المهم أن تكون في المملكة حرية التعبير وحقوق الإنسان، فالوضع الحالي للسعودية ليس كما كان قبل 50 سنة، وأن جزءا كبيرا من العوامل الإنتاجية غير مستخدمة، والنمو السكاني وصل إلى رقم مخيف، وأن عمل المرأة سيسهم بإيجابية في هذا الاتجاه، فالنساء ممثلات برلمانيا بشكل جيد، ويرشحن أنفسهن للانتخابات، ونحن نحرز تقدما وفقا لاحتياجاتنا ووتيرتنا، وليس كرد فعل على أي نموذج آخر.
وحين سألته الصحفية عن كيفية فرض ضرائب أكبر دون وجود تمثيل أكبر،
ودون زيادة تمثيل الشعب في الحكومة، أجاب: لا توجد ضرائب. نحن نتحدث عن ضريبة مختلفة، شكل مختلف من الضرائب، فالقيمة المضافة لن تفرض على المنتجات الأساسية، وهذا قرار من حكومة تمثل الشعب، وقبل اتخاذ أي قرار للإصلاح تقوم الحكومة بعمل كثير من ورش العمل التي تمثل كثيرا من الناس.
وفي إجابة عن سؤال حول "الربيع العربي"، أكد الأمير محمد، أنه كان اختبارا حقيقيا لمعرفة أنماط الحكومات الاستبدادية وغير الاستبدادية، والتي تمثل شعوبها أو لا تمثلها.
وبالنسبة لآل سعود ومدى تمثيلهم للشعب، قال: "نحن نشكل جزءا من العملية الوطنية، كما أننا نشكل جزءا من القبائل المحلية، إضافة إلى أننا نتحدر من المناطق الموجودة في البلاد، لقد عملنا مع بعضنا البعض على مدار الـ300 سنة الماضية".