على خطى خصخصة المرافق والجهات الكبرى تتجه الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الإعلان خلال أسابيع عن تخصيص الأندية السعودية مطلع يناير المقبل، على أن تكون البداية بالأندية الأربعة الكبار، إذ سيكون أحدها مقياسا للبقية حسب ما ذكرته الدكتورة نوف الغامدي.
بات تحول الرياضة في السنوات الأخيرة من مجرد هواية إلى قطاع اقتصادي رئيسي ومصدر دخل هائل في العالم واقعا ملموسا أدركته الدول الكبرى وبعض الدول النامية، وأصبحت تتعامل معه كصناعة حقيقية إذا لم ترتبط بالاستثمار ستزول، بيد أن الرؤية في دول العالم الثالث ما زالت غير واضحة، خاصة في الجانب الاستثماري الذي يراه بعض المستثمرين غير آمن.
ويعد الاستثمار الرياضي بصفة عامة وفي المنشآت الرياضية بصفة خاصة، من أكثر الاستثمارات ربحية إذا تم استيعاب المعنى الحقيقي له لأنه يعد أرضا خصبة لما له من أهمية مزدوجة في فوائده وعائداته نحو العمران والتطور والرقي بخدمات الاتحادات والأندية.
تجارة كرة القدم
أكدت عضو اللجنة العليا لجائزة العطاء للمسؤولية الاجتماعية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، الدكتورة نوف الغامدي، أن الرياضة أصبحت مصدر دخل هائل في العالم، وأن تجارة كرة القدم تحديدا مرت بتغيرات هائلة، وقالت لـ"الوطن" إن "أمين صندوق الاتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا'' عام 1928 أعلن وجود عجز في الميزانية يقدر بـ6 آلاف فرنك سويسري، أما الآن فإن مداخيله تفوق مداخيل كثير من الدول وأصبح يمنح أعضاءه الـ208 إعانة تزيد على عدة ملايين من الدولارات، أي أن الاتحاد الدولي يمنح مساعدات تصل إلى أرقام لا يمكن أن يصدقها الإنسان العادي، لتطوير اللعبة وهذا يعكس مدى حجم ونجاح اقتصادها في العصر الحديث وباتت تتحدث بلغة الأرقام الخرافية.
شبه معدوم
كشفت الغامدي أن الاستثمار الرياضي في المملكة شبه معدوم، نظرا للبطء في عملية خصخصة واستثمار الأنشطة الرياضية، وأهم ما يمكن التطرق إليه في هذا الجانب هو رعاية عدد من الشركات التجارية للمنتخب السعودي وأخيرا عبداللطيف جميل، وهي رعايات لا تكاد تمثل أي قيمة فعلية مقارنة بما تحققه رعاية المنتخبات والأندية الأوروبية، مبينة أن الأندية السعودية تملك مقومات عدة للاستثمار والتمويل الذاتي، لكن يجب إعداد استراتيجية شاملة واضحة المعالم، خاصة في توفير الإحصاءات اللازمة ودراسات الجدوى وفتح باب التنافس في مجال الاستثمار، بعيدا عن التعصب وتوفير النواحي القانونية لتشجيع الاستثمار في المنشآت الرياضية والأراضي المخصصة للأندية، ولا بد من القناعة التامة بأن ما تعانيه الأندية في العالم العربي أجمع هو نقص الإيرادات المالية الذاتية.
20 % سنويا
قالت الغامدي "الاستثمار الرياضي يقدر بـ20% سنويا، ففي أوروبا وجهت العائلات 90% من ميزانيتها المخصصة للرياضة كشراء الملابس والمجلات وحضور المباريات، وبالتالي سيكون للمؤسسات التجارية الراغبة في الاستثمار الرياضي دور في الإسهام في نمو الاقتصاديات الخاصة بوطنها، ويركز المسؤولون على مساندة شرائح الشعب من خلال توفير برنامج رياضي يشاهده أو يشارك به في شكل بطولة أو مهرجان أو توفير منشأة رياضية يمارسون فيها رياضتهم المفضلة، إلا أن الشركات والمؤسسات التي تعمل في مجال التسويق والاستثمار والتنمية والاستشارات الرياضية من حقها أيضا أن تحصل على حزمة امتيازات للمحافظة على حقوقها وامتيازاتها في العقود، وإذا لم نبادر بمنحهم إياها فسيتجهون لأنشطة أخرى"، وأضافت "لن يكون هناك استثمار ناجح إلا بتطبيق نظام الاحتراف الرياضي الكامل وتأتي البداية الصحيحة بجعل الأندية والمؤسسات الرياضية خاضعة لملكية أشخاص وشركات لا للحكومات".
القوائم المالية
ذكرت الغامدي أن الأندية ستعلن قوائمها المالية في يونيو المقبل لمعرفة واقعها المالي، وسيتم بيعها لمصلحة ملاك أو شركات، وستبدأ الرئاسة العامة لرعاية الشباب بناد واحد كمقياس، وتطرحه في المزاد ليتقدم لشرائه الراغبون في الاستثمار، وتعقبه خصخصة الأندية الباقية، وستبدأ آلية خصخصة الأندية الـ14 في "دوري عبداللطيف جميل" كمرحلة وفق المتبع في الشركات المساهمة المغلقة عن طريق أعضاء الشرف الداعمين للنادي، من خلال تخصيص أسهم ملكية لكل عضو وبنسب معينة لمن يكون في عضوية الجمعية العمومية، ومن ثم النظر في عدد الأسهم التي يمتلكها كل عضو لتحديد أعضاء مجلس الإدارة وحسب آلية معينة تسن لاحقا، ولعل الأقرب لنظام الخصخصة هو ما يتم حاليا في المؤسسات الصحفية السعودية والاقتصار على الأشخاص الداعمين، وستتحدد الآلية بفترة زمنية لاستكمال الأندية لكل الاشتراطات، وعندها سيعلن عن تخصيص النادي الذي يفي بمتطلبات الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
خصخصة المرافق
شددت الغامدي على أن خطوة خصخصة المرافق والجهات الكبرى (كشركة الاتصالات وشركة الخطوط السعودية)، كانت ذات أبعاد عالية الجودة وقوية المفعول، لتنتهي تلك الخطوة الجبارة بالعديد من الفوائد الكبيرة التي سمحت لجميع الجهات التجارية والاقتصادية والاجتماعية بالدخول والمساهمة الفعالة في تشغيلها، وعليه فإن الحاجة قائمة لدخول ذلك إلى المؤسسة الرياضية التي لم تزل حتى الآن تعقد اللجان والمؤتمرات دون آراء صريحة تدعم الموقف الرياضي، مما جعل دخول أية شركة إعلانية أو اقتصادية أو تجارية صعب التحقيق في ظل التزمت الموجود في الوسط الرياضي، مما أدى إلى عدم نجاح بوادر الخصخصة حتى الآن.
وذكرت أن الطابع العام للخصخصة لا يسمح فقط بإعادة تشكيل أساسيات المؤسسة الرياضية، بل يتجاوز ذلك ليكون السبب الأساسي في إيجاد فرق قوية مدعومة من شركات كبرى، مثل أرامكو والاتصالات والراجحي وسابك، لتكون ذات آفاق أوسع في تحقيق البطولات.
خصخصة الأندية
قالت "الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها الأندية السعودية أجبرتها على طلب قروض بنكية بكفالة الرئاسة، حيث استدان الاتحاد وبعده النصر، قبل أن يلحق بهما الهلال قروضا تبدأ من 40 مليون ريال للأخير وقرابة 50 مليونا للناديين الأولين، على أن تسدد خلال موسمين، وجاءت الأزمة بعد امتناع أعضاء الشرف عن التبرع، باستثناء الرمز الأهلاوي الأمير خالد بن عبدالله الذي تكفل بجميع مديونيات النادي".
وأضافت "الأندية الثلاثة استدانت لمعالجة مشكلاتها المالية من رواتب ومتأخرات للاعبين حاليين وسابقين، وصادف الأزمة المالية الانتهاء من دراسة خصخصة الأندية السعودية، والتي بدأت دراستها قبل 4 سنوات، وتولى ملفها الأمير عبدالله بن مساعد، قبل توليه رئاسة رعاية الشباب"، وبينت أن الخصخصة باتت على الأبواب وخلال أسابيع قليلة ستعلن تفاصيلها كاملة، بحيث ستكون بهوية سعودية ويبدأ تطبيقها على الأندية الكبرى، الهلال والنصر والأهلي والاتحاد، وإذا نجحت ستعمم على بقية الأندية، والتوقعات بنجاحها كبيرة وستستغني الأندية عن التمويل الذي يصلها من الدولة"، وأشارت إلى أن الجهات المعنية ستتجه إلى الإعلان عن خصخصة 14 ناديا بداية من يناير 2017.
أراضي الأندية
شددت الغامدي على تاريخية مشروع ضوابط استثمار الأراضي المخصصة للأندية المسجلة باسم أملاك الدولة لمصلحة الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لأنه منحها فرصة صناعة الذات والاكتفاء الذاتي من مداخيل المشاريع الاستثمارية التي يمكن أن تنشئها، ويجب أن نرسخ مفهوم أن الأندية جزء من النسيج الاجتماعي وعليها استقطاب الجماهير بكل الوسائل، وبينت أنه من خلال الامتيازات التي ستمنح للشركات ستمتلك الدولة منشآت رياضية استثمارية على مستوي راق يعود مردودها على الأندية، وستشجع الأفراد على تأسيس وتكوين شركات في مجال التسويق والاستثمار والتصنيع الرياضي، مما يسهم في تطوير العمل الرياضي واستيعاب أعداد كبيرة من الشباب، وسيجعل الشركات تبادر بابتكار برامج متنوعة تضم العديد من الرياضات العالمية، مما سيضع الدولة على قائمة الدول المتقدمة رياضيا، وسيكون ذلك دعاية قوية للدولة ولهيئاتها الرياضية على المستوى العالمي.