شيء غريب وعجيب! وأنا الآن أكتب مقالا حول المنطق والمفهوم، وكنت في عناد -لا يحدث لي أبدا إلا لحظات الكتابة المسرحية- مع القلم! أعاند نفسي لإكماله، إلا أن الشخصية العظيمة الكريمة الأبية تقتحم مجال الفكر، وتحضر إلى مجال الإبداع (السوبرمايند)، وهو مجال لا يعرف الكذب أو المداهنة أو الزيف أو حتى الوجاهة والذاتية، لأنه عالم أرقى من عالم الوعي المقيَّد بأغلاله، هذا المجال هذه الهالة لا يدخلها إلا المتبرئون من ذواتهم والسابحون في أفق الفضاءات الرحبة حين تغط الأقلام في جوف المحابر لتنثر ما بجوفها دون رقيب يفسد عليها بهجة الصدق الصادق الباعث على المتعة. لم يكن عنادي مع قلمي عدم الرغبة في تناولها أو تهاونا بالاحتفال بها، وإنما كان مهابة وتقديرا واحتراما، فكم كتبت عن ملوك وأمراء إلا أنها كانت رجفة قلم أن لا يعطيه حقه. ثم أن جل الأقلام تتسابق للكتابة والتهنئة فما عسايَ أن أقول؟ أجزم أن كل أبناء هذا الوطن يشاطرونني هذا الحب الجارف لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في يوم ذكرى بيعته. في ذكرى البيعة لن نذكر الإنجازات والنجاحات المتتالية، فهذا لا يخفى على أحد من داخل الدولة أو خارجها، ولكن سننظر من منظور آخر وهو حين تدور الأعناق في كل اتجاه، فلا نرى إلا شعوبا تضطرم، ودولا تتهاوى وأخرى تقاوم، وعصابات تترصد، ونحن في دولة هانئة وفي مصاف الدول المهمة والمؤثرة في العالم. لم يكن هذا بغريب على الملك سلمان، فهو ابن عبدالعزيز وأخو فيصل وفهد وعبدالله، رجال أخذوا على أكفهم مجموعة إمارات من البداوة إلى مصاف الدول المتقدمة فيما يربو على المئة عام بقليل، وهذا بعين الفاحص والمؤرخ والعارف بتاريخ الحضارات لا يساوي من الزمن سوى يوم أو بعض يوم في إعجاز حضاري بحساب الحضارات الذي وحدت قياسه الألف عام! وكان سلمان، أطال الله في عمره، قاسما مشتركا في عهد كل من سبقه، معاضدا وأميرا وقائدا وعضدا عتيا لإخوته ولدولته في هذا التقدم والنهضة منذ بدايتها وحتى اليوم. حفظه الله، ورجاله البواسل من حوله، ومن خلفه وهو يقود المسيرة بكل إباء وشرف رفيع لنا كشعب يتباهى بهويته ودولته وبتقدمه في عهد الملك سلمان، وولاة عهده المخلصين ورجاله البواسل.