ليس هناك أسوأ من أن يخذلك من أحسنت إليه ووقفت معه في محنه التي لا تنتهي. خصوصا عندما يتطلب رد الجميل مجرد تسجيل موقف "معنوي" لا أكثر.
حدث مثل هذا عندما امتنع لبنان عن التصويت على القرار الذي أصدره وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم الطارئ في القاهرة قبل يومين، والذي يدين الأعمال العدائية والاستفزازية الإيرانية، وتدخلها المستمر في الشؤون الداخلية للدول العربية على مدى العقود الماضية، وربط اسم "حزب الله" بالعمليات الإرهابية. وحده لبنان امتنع عن التصويت على عكس بقية الدول العربية التي دعمت بشكل كامل الموقف السعودي!
لم تدعم السعودية بلدا كما فعلت مع لبنان، ولم يتلق لبنان دعما من أحد بحجم الدعم السعودي. فخلال الـ15 عاما الأخيرة قدمت الرياض ما يزيد على 28 مليار ريال دعما لبيروت. هذا عدا المواقف الدبلوماسية السعودية الرامية إلى لمّ الصف اللبناني، وجهود التوفيق بين الفرقاء هناك.
في بيان لبنان الذي تلاه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، برر الاعتداء على السفارة والقنصلية السعوديتين في طهران ومشهد، بأنه "خارج إرادة السلطات المعنية، وتم اتخاذ ما يلزم من قبلها"!
ولو قدّر لإيران أن تبعث مندوبا للدفاع عنها، ما استطاع أن يدافع عن موقف بلاده من الاعتداء على البعثات السعودية بقدر ما فعل وزير الخارجية اللبناني!
المثير الآخر في البيان اللبناني قوله إن "لبنان يرفض أي تدخل بالشؤون الداخلية لأي دولة عربية من قبل أي دولة عربية". وماذا عن تدخل "حزب الله" في سورية، وهو الذي يتخذ من لبنان قاعدة له؟!
إن كان "حزب الله" تحت سيطرة الحكومة اللبنانية، فهو إذن تدخل لبناني في الشأن السوري، وإن لم يكن تحت مظلة الدولة اللبنانية، فأضعف الإيمان البراءة منه وإدانة أعماله الإرهابية والحصار والتجويع اللذين يفرضهما على الشعب السوري الشقيق.
ما يعرفه السيد باسيل أكثر من غيره، أن قرار الامتناع عن التصويت خاضع لاعتبارات طائفية بحتة، ونتيجة لنفوذ "حزب الله" الموالي لإيران داخل الحكومة اللبنانية، وسيطرته على مفاصل الدولة اللبنانية. ولهذا اعترض وزير خارجية لبنان على البيان العربي الذي ربط "حزب الله" بأعمال إرهابية، مطالبا بإزالته.
ويأبى هذا السؤال إلا أن يكون حاضرا: هل حان لنا أن نعيد التفكير فيمن يستحق الدعم.. ومن لا يستحق؟!