أثارت تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حول صعوبة الحفاظ على سورية موحدة، موجة من الجدل بشأن مستقبل البلد، في ظل الصراعات التي قد تنتهي برسم خرائط جديدة في الشرق الأوسط، تتجاوز سورية إلى لبنان، والعراق، وتركيا. وأشار مراقبون إلى قول كيري خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي: "ربما يكون من الصعب إبقاء سورية موحدة، إذا استغرق إنهاء القتال هناك مدة أطول"، وكذلك تحذيره من أن الولايات المتحدة تدرس خطة بديلة للتعامل مع الوضع، في حال لم تكن دمشق وموسكو جادتين في التفاوض على الانتقال السياسي.

ولفت المراقبون إلى أن واشنطن استخدمت لأول مرة، على لسان وزير خارجيتها، مصطلح "تفكيك سورية"، لاسيما وأن الولايات المتحدة دأبت على تأكيد ضرورة المحافظة على سورية ديمقراطية موحدة، مشيرين إلى أن حديث التفكيك والتقسيم في سورية لم يجر تداوله من قبل إلا من خلال وسائل الإعلام ومراكز الدراسات، وهو ما يثير تساؤلات عن خطوة واشنطن القادمة.

وحسب المراقبين فإن تصريحات كيري يمكن أن تُقرأ بصيغ مختلفة، إذ يمكن أن تكون تهيئة نفسية لقبول احتمال اللجوء إلى تقسيم سورية إلى دويلات طائفية "سنة وعلويون وأكراد"، كما يمكن أن تكون هذه التصريحات ورقة ضغط تجاه كل القوى الفاعلة، للتشديد على ضرورة التوصل إلى تسوية جادة تقي المنطقة بأسرها - وليس سورية فقط، جحيم التقسيم الطائفي الذي يتربص بأكثر من دولة.

وقال المراقبون: إن كيري لم يكشف عن تفاصيل الخطة البديلة في حال فشلت جهود التوصل إلى اتفاق سياسي في سورية، غير أنه أشار إلى أنها قد تنطوي على زيادة الدعم للمعارضة، فيما ألمحت مصادر دبلوماسية وصحفية إلى أن الخطة قد تشتمل على تدخل عسكري للولايات المتحدة والتحالف الدولي.


خطة صهيونية

نشر موقع "جلوبال ريسيرش"، في وقت سابق وثيقة للصحفي الإسرائيلي أوديد ينون أعدها في فبراير1982 تحمل عنوان "الخطة الصهيونية للشرق الأوسط في الثمانينيات"، حيث دعا إلى تقسيم سورية، والعراق، ولبنان، ومصر، وباقي الدول العربية على أسس عرقية أو طائفية، وفقا لحالة كل دولة. وتتأكد هذه الرؤية مع قراءة تل أبيب الحالية للمشهد السوري حاليا، حيث وصف المدير العام لوزارة المخابرات الإسرائيلية، رام بن باراك تقسيم سورية بأنه "الحل الممكن الوحيد"، مضيفا "في نهاية الأمر يجب أن تتحول سورية إلى أقاليم تحت سيطرة من يكون هناك، العلويون في مناطقهم، وكذلك السنة".


مؤشر سلبي

قال الباحث السوري حازم نهّار: إن التصريح الأميركي يأتي للضغط على المعارضة والنظام، بفرض حالة انقسامية، في حال لم يتم التوصل لتسوية سياسية، لافتا إلى أن أميركا وروسيا كان لديهما الوقت الكافي منذ خمس سنوات للتوصل إلى وقف إطلاق النار، حتى لا تصل سورية إلى ما وصلت إليه. وحول الخطة البديلة، قال نهّار: إن واشنطن لا تملك فعليا خطة بديلة واضحة المعالم. بدوره، عد الباحث الكويتي ظافر العجمي تصريح كيري مؤشرا سيئا، مهما كانت النوايا من ورائه، كما أن هذا الطرح لا يخدم الدول المجاورة لسورية، مبينا أن ما يحدث ليس خلافا بين إثنيات طائفية متصارعة، بل يتعلق الأمر بمعارضة الطغيان والاستبداد المتمثل في نظام الأسد. وأضاف ألا أحد من أطياف المعارضة يؤمن بتقسيم سورية، مشيرا إلى أن التصريحات الأميركية تتقاطع مع ما نشرته مراكز دراسات بشأن مساع تهدف إلى تقسيم المنطقة لطوائف.