واصلت "الوطن" جولتها في مناطق رباط قوات المجاهدين بمنطقة عسير، ولاحظت طبيعة البيئة الجبلية التي يعملون فيها، ورغم قسوتها إلا أنها لم تمنعهم من أداء المهام الملقاة على عواتقهم بكل بسالة. وتعرفت الصحيفة على الطرق التي يتبعها رجال الإدارة في رصد ومتابعة ودهم المتسللين الذين يكون بعضهم من المهربين، وأحيانا يكونون من بعض الفقراء والمغرر بهم الذين يبحثون عن فرص للعمل، فيقعون فريسة سهلة للمهربين الذين يحاولون استغلالهم في أعمال التهريب.
بالقرب من جبل خشم روق، التقت بثلاث دوريات للمجاهدين محملة بعدد من المتسللين المقبوض عليهم، ورصدت كيفية التعامل الإنساني الذي تتبعه دوريات المجاهدين، حيث قامت بتوزيع المياه والطعام عليهم، وأشار المتحدث الإعلامي للوزارة إلى طريقة التعامل مع المتسللين بعد ضبطهم، حيث يتم التعامل معهم وفقا للمبادئ التي تقرها شريعة الإسلام، مؤكداً أن ضبطهم وتسليمهم إلى جهة الاختصاص يتمان حسب الأنظمة، وقال "في كثير من الأحيان نجد بعض المتسللين بعد ضبطهم وقد أعياهم العطش ويتضورون جوعاً، لكن رجال المجاهدين لا يتوانون في تقديم الطعام والشراب لهم".
قص الأثر
في مركز كحلا الحدودي، تأتي محطة تالية تتوقف فيها "الوطن"، فيما حرص رئيس قطاع المجاهدين بظهران الجنوب، محمد سالم السريعي، ورئيس مركز المجاهدين بكحلا الحدودي، علي مسعود ملهوي، على الانتقال إلى واد عميق والذي يعرف باسم وادي راية، الذي لا تختلف تضاريسه عن أودية أخرى في تلك المنطقة، لكنه يختلف بعرضه الواسع، والكهوف والمغارات التي تتخلل جنباته، والأشجار الكثيفة التي تحيط به، وهي طبيعة يفضل المتسللون المرور عبرها، كونها تساعدهم على التخفي والتواري عن أنظار رجال المجاهدين.
وكشف السريعي وبن ملهوي عن إحدى مهارات الرصد والتتبع التي ينتهجها رجال الإدارة، حيث يقوم مختصون من رجال المجاهدين بقص الأثر في الوادي، وتمشيطه عبر تقسيمه إلى مربعات أمنية يسهل تفتيشها، وأثناء انهماك قصاصو الأثر في عملهم، يقوم عدد آخر من زملائهم بتأمينهم وحمايتهم، ومراقبة الموقع، كي لا يستغل أحد انشغالهم في الاعتداء عليهم، أو تجاوزهم، وعندما يكتشف القصاصون أثراً لأقدام المتسللين، تبدأ فرق المجاهدين في عمليات البحث عنهم، تمهيداً للإيقاع بهم .
القبض على المسلحين
خلال التمشيط اليومي في وادي راية، لاحظت إحدى الدوريات عن بعد أحد المتسللين، لتبدأ مرحلة تجهيز الكمائن كما أسماها رئيس قطاع ظهران الجنوب، وفي إحدى المغارات التي تحيط بها الأشجار تهيأ رجال الإدارة لضبط المتسللين، وتوزعوا في وقت سريع بين الجبال والوادي، متخفين عن الأنظار، وبعد مرور قرابة نصف ساعة شاهدنا شخصاً تظهر ملامحه بأنه إفريقي، يسير وحيداً ويقوم بنظرات سريعة في جميع الاتجاهات، دون أن يشعره رجال المجاهدين بأي خطر، وهو ما فسره رجال المجاهدين بالقول إن هذا الشخص يسمى راصد، أو مساح طريق، يعبر عادة في المقدمة، ليمسح الطريق وحينما يشعر بأن الطريق آمن يبلغ مجموعات كبيرة من المتسللين يكونون خلفه بسلوك الطريق.
تنسيق أمني
رصدت "الوطن" خلال جولتها مع رجال المجاهدين، تناغماً كبيراً بينهم وبين رجال القوات المسلحة أثناء توجههم إلى الخطوط الأمامية، لمجابهة العدو، حيث يتبادل رجال المجاهدين التحايا مع زملائهم من رجال القوات المسلحة، ويقدمون لهم كل دعم يحتاجونه، ويقومون بتأمين تحركاتهم. على صعيد متصل، وفي طريق عودة مراسل الصحيفة من مركز خشم عنقار تحديداً، رصد الوجه الآخر لنجاح رجال الأمن البواسل في ضبط الأمن وتحقيق الاستقرار، لا سيما أن الحياة تسير بشكل طبيعي وهادئ على جانبي الطريق. وشهدت "الوطن" في جانب من المركز عدداً كبيراً من الشباب يمارسون رياضة كرة القدم، مرتدين أزياءهم التقليدية، وهم ينعمون بالأمن والأمان، وقال أحدهم "ثقتنا برجال أمننا البواسل على الحدود والثغور جعلتنا نشعر باطمئنان كبير.
انتهاك البراءة
في مركز المجاهدين بكحلا الحدودي، لاحظت الصحيفة أن من بين المتسللين المقبوض عليهم مجموعة كبيرة من الأطفال، الذين تبدو على وجوههم علامات الدهشة والاستغراب، نظرا لوقوعهم ضحايا لعصابات إجرامية، وقال اثنان منهم، يحملان الجنسية الإثيوبية، هما عمر أحمد، وحسين عمر، ولا يتجاوز عمر أكبرهما هما الـ14 عاما، إن عصابة من المجهولين أوهموهم بحياة أفضل، وعمل سهل، ونقلوا المجموعة عبر البحر إلى اليمن، وبعد وصولهم لليمن تسلمتهم عصابة أخرى قامت بتشغيلهم في أعمال شاقة لا تتناسب مع طفولتهم، وكانوا لا يعطونهم إلا قليلاً من المال، وبعد جمعهم مبلغاً من المال وبقائهم في اليمن لفترة قاربت الشهرين، أخبرتهم العصابة بأنه لا خيار أمامهم إلا التسلل عبر حدود المملكة.
ضبط المهربين
في خشم جبل روق، أبلغت دوريات المجاهدين مدير العمليات بمجاهدي عسير، برصدهم لمركبة مشبوهة، وتتبعهم لخط سير المركبة، وبعد إعداد كمين محكم، باغتت عدة مركبات المشتبه بهم في منطقة مغلقة أعاقت حركتهم تماماً. وبتفتيش المركبة عثر بحوزة قائدها ومرافقه على كميات كبيرة من نبتة القات المخدرة حاول إخفاءها، ليتم ضبطه والكميات المهربة وجردها، ويؤكد المتحدث الرسمي للإدارة أن إعداد الكمائن والمتابعة يسهلان ضبط المهربين، والإطاحة بهم في الأماكن الوعرة التي يعرف رجال المجاهدين خطوطها وأوديتها وجبالها جيداً.
مطاردة في الجبال
رغم أن المناطق الحدودية تمتاز بوعورة جبالها وخطورة طرقها وحدة منعطفاتها، إلا أن "الوطن" لاحظت أن قائدي مركبات المجاهدين يتنقلون بين تلك الطرق بسرعة عالية لا تنقصها المهارة المتناهية، وحول هذه الملاحظة، قال المتحدث الإعلامي إن سر تلك المهارات هو أن رجال المجاهدين يتلقون دورات تؤهلهم لمطاردة المطلوبين أو المهربين أو المتسللين حتى في أشد الطرق وعورة وبكل احترافية، كما أنهم يملكون خبرة كبيرة في طبيعة تلك الطرق وجبالها، وهو الأمر الذي يعزز من فرص نجاحهم في مهامهم، ويزيل العوائق أمامهم.