شدد مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، على ضرورة صيانة العقل وحفظه، مؤكدا أن من يفسد عقله بالمخدرات أو أي مؤثر آخر، يجب أن يردع عن ظلمه وعدوانه على نفسه، لافتا إلى أن من يتدبر كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يرى فيهما الكثير من أسباب حفظ العقل. وقال المفتي: قدّم الله عز وجل الأمن على الرزق، لأنه بوجود الأمن يمكن الحصول على الرزق، وتتحرك الناس في الأرض، فإذا انعدم تعطل الإنتاج والسعي للحصول على الرِزق.

جاء ذلك في كلمة ألقاها أمس في افتتاح أعمال ندوة "الأمن الشامل.. شراكة وتكامل" في مرحلتها الثانية، التي ينظمها كرسي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحسبة وتطبيقاتها المعاصرة في جامعة الملك سعود، بالتعاون مع مركز المحتسب للاستشارات بمقر الجامعة في الرياض وتستمر يومين.


تطبيق الشريعة

لفت آل الشيخ إلى أن الأمن والاستقرار في المجتمع يتحقق بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن المملكة منذ تأسيسها منّ الله عليها بالأمن والطمأنينة والاستقرار بفضل الله تعالى، ثم بفضل تطبيق ولاة الأمر لأحكام الشريعة. وأضاف "منّ الله عز وجل على هذه البلاد المباركة بأن جعلها في أمن واستقرار، والبعض من حولنا يعيش في قلق وانقسام لأنها بفضل الله تعالى تُطبق أحكام الشريعة". وشدد على أن الكل راع ومسؤول عن الأمانة التي أوكلت إليه، ويجب عليه تأدية الأمانة على أكمل وجه، والتعاون على ذلك لأنه من أسباب تحقيق الأمن في المجتمع.


 الأمن الفكري

لخص عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح بن حميد، وسائل تحقيق الأمن الفكري في مسارين هما:

1- تعزيز الوازع الديني.

2- تعزيز الجوانب التربوية ومواجهة المؤثرات الخارجية، سواء في البيت أو المدرسة أو المسجد أو الإعلام. وضرب الشيخ ابن حميد مثالا على التعايش في المجتمع، في الأسرة الواحدة التي تذهب إلى السوق، وتجد أن كل فرد منها يشتري ما يناسبه، ومن ثم يعودون للبيت للعيش تحت سقف واحد. وشدد على ضرورة التسامح وعدم الإقصاء، مؤكدا أن حجر الزاوية في نجاح الحوار المجتمعي هو عدم الإقصاء، وأن أكثر أسباب فشل أي حوار هو الإقصاء، فيجب تقبل الاختلاف في الآراء والتوجهات. وأشار إلى أن الكثيرين يتحدثون عن الإقصاء وهم يمارسونه.





 جهات الاحتساب

شدد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق على أن جميع الجهات التي تقوم بأدوار رقابية في الوقت الراهن، هي جهات تمارس شعيرة الاحتساب، منها هيئة مكافحة الفساد "نزاهة"، وديوان المراقبة العامة، وهيئة التحقيق والادعاء العام، والبلديات، ووزارة التجارة، مؤكدا أن عمل تلك الجهات يندرج ضمن أعمال الاحتساب.

وأشار الشيخ المطلق إلى وجود فرق بين الموظف المحتسب الذي يؤدي عمله ابتغاء الأجر وإصلاح المجتمع وبين الموظف المحتسب الذي يعمل من أجل الراتب، لافتا إلى وجود بعض الموظفين المحتسبين، الذين يربط أداء عملهم بالراتب والترقيات، فإذا تأخرت ترقياتهم يتأثر عملهم ويقل إنتاجهم.

وحذر المطلق ممن وصفهم بـ"جنود إبليس" الذين يضعون العراقيل في طريق العاملين بالحسبة، مشيرا إلى تعرض المحتسبين للمغريات، وأن هناك من يقدم لهم الرشاوى، مطالبا العاملين بالاحتساب بالحرص على حفظ أسرار العمل والمحافظة على الوقت والتأثير الإيجابي في المجتمع، والتسامح، وعدم إعطاء أعداء الحسبة فرصة لاستغلالها ضد الشعيرة.


 معنى أشمل للأمن

أشار المشرف العام على مركز وموقع المحتسب للاستشارات الدكتور عبدالله الوطبان في كلمته، إلى أن مفهوم الأمن لدى أغلب الناس ينحصر في إطارات معينة، كالأمن على النفس من اعتداءات الغير، والأمن على المال والممتلكات من السرقة والإتلاف، إضافة إلى الأمن من الأعداء بمختلف أشكالهم، لكن للأمن معنى أشمل من هذا، وهو الحفاظ على كل ما تستقيم به حياة الناس، فيشمل الأمن على الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال، وهي الضرورات الخمس التي جاءت أحكام الشريعة للحفاظ عليها.

وأضاف أن العبء الأكبر في تحقيق الأمن الشامل يقع على كاهل الجهات الرسمية الضبطية والرقابية، وهو ما يوجب على المجتمع أن يكون داعما ومساعدا لمنسوبيها في أداء أعمالهم. وقال الوطبان إنه رغبة من مركز المحتسب في دعم هذه المهمة الجليلة، أطلقنا فكرة المشروع قبل سنوات، حيث يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل بين الجهات المعنية، وتعزيز قيم التعبد بالفعل لدى منسوبي هذه الجهات، إضافة إلى نشر القيم الداعمة لعملها بين الجمهور، لتحقيق الغاية الأسمى وهي بسط الأمن الشامل في ربوع مملكتنا الغالية.